في عملية غير مسبوقة ، أسئلة حول أهدافها لا زالت تتناسل، أقدمت دورية من الحرس المدني الإسباني يوم الخميس 07 غشت الجاري على إيقاف الملك محمد السادس وهو
في عملية غير مسبوقة ، أسئلة حول أهدافها لا زالت تتناسل، أقدمت دورية من الحرس المدني الإسباني يوم الخميس 07 غشت الجاري على إيقاف الملك محمد السادس وهو على متن زورق سريع في مياه مدينة سبتة المغربية، مطالبة إياه بالكشف عن أوراق الهوية وبطاقة الزورق في تعد اعتبره البعض سافرا لحرمة الملك الذي سارع إلى الاتصال بنظيره الاسباني الذي بدوره أحال الأمر على وزير الداخلية الذي بعث ضابط برتبة متواضعة لتقديم الاعتذار للملك المغربي عوض مسؤول كبير في الدولة كما تقتضي الأعراف في مثل هذه الحالات.
الرواية أعلاه وهي الوحيدة المتداولة أوردتها صحيفة “الموندو” الإسبانية في نسختها الرقمية يوم الاثنين الماضي 25 غشت 2014 أي بعد حوالي أسبوعين من وقوع الحادثة، والصحيفة الإسبانية التي تعتبر الثانية بعد “الباييس” من حيث المبيعات والانتشار، معروف قربها من الحزب الشعبي اليميني الذي يتبنى سياسة عدوانية متشددة، كما أنها تعبر عن شريحة معتبرة من كبار ومؤسسات الدولة الإسبانية التي دافعت عن سياسة حكومات اليمين المتعاقبة، والجميع يتذكر كيف عالجت هذه الجريدة العديد من الملفات المشتركة بين المغرب وإسبانيا، ولعل أبرزها قضايا المخدرات والهجرة السرية ..هذا بالإضافة إلى أزمة ما سمي بجزيرة ليلى، حيث هاجمت “الموندو” المغرب بشكل غير مسبوق وعبرت بوضوح عن مواقف خوسيه ماريا أثنار رئيس الوزراء الإسباني يومئذ الذي يعتبر من القادة المعادين للمغرب، والمنظر البارز لسياسة المواجهة مع الجار الجنوبي.
الغريب في القضية حسب الرواية المتاحة في انتظار أن يعي صناع القرار ببلدنا بأهمية وضرورة التواصل، أن الدورية الإسبانية لم تكن على علم بوجود الملك بالمنطقة وبالتالي بادرت إلى توقيفه، هل يمكننا أن نصدق هذه القصة ؟ طبعا لا. فكيف لنا أن نثق ونحن نعرف أن أكبر عدد من العناصر الأمنية والمخابراتية المدربة والمتوفرة على تكوين عالي متواجدة بشمال المغرب تعد أنفاس المغاربة وتعرف كل صغيرة وكبيرة وكل معلومة كيفما كان حجمها، وكيف لنا أن نثق ونحن نعرف حجم ومستوى آليات المراقبة المتقدمة جدا المستعملة بمياه المنطقة ؟.
هذا فضلا عن مظاهر الأبهة والعظمة المحيطة بالملك، ونوعية اليخت الذي يركبه ينم عن زائر غير عادي متواجد بهذه المياه، هذا إذا سلمنا أن السلطة بالمغرب لم تخبر نظيرتها الاسبانية بإبحار الملك بمياه مدينة سبتة المغربية من جهة، وبأن الأجهزة الأمنية للجارة الشمالية لم تكن تتوفر على هذه المعلومة من جهة ثانية، أمام هذه المعطيات هل ممكن أن تكون السلطة الإسبانية تعمدت “إهانة” الملك المغربي ؟ هذا إن كانت الرواية المقدمة حتى الآن من طرف الصحيفة المذكورة هي الرواية الحقيقية.
لذلك من المفروض اليوم أن يسارع الديوان الملكي المغربي إلى تقديم توضيح آني يذكر حقيقة ما جرى للملك، أما سياسة الآذان الصماء الذي تنهجها عادة هذه المؤسسة ـ اللهم في بعض الحالات التي كانت تحت ضغط الشارع كما جرى الصيف الماضي مع قضية العفو عن مغتصب أطفال مغاربة، حيث أجبر الديوان الملكي على إصدار 4 بيانات في ظرف مدة قصيرة جدا ـ فإنها قد تؤدي إلى نتائج معاكسة بل ومضرة ليس فقط بالملك بل أيضا بسمعة البلد، ويكفي أن نشير إلى ما كتبته صحيفة فرنسية كانت تعتبر مفضلة لدى القصر المغربي، تعطى لها الأولوية سواء على مستوى الصور أو المعطيات أو الحوارات، فقد وضعت للموضوع عنوانا مثيرا فاجأ مجموعة من المراقبين، لدرجة أنها وصفت الملك بأوصاف جريئة وقاسية، ليس هذا فحسب بل لا بد من رد فعل قوي لأن الأمر يتعلق بإيقاف ملك وفي مياه مفترض أنها مغربية، والملك دستوريا مكلف بحماية التراب الوطني حسب منطوق الفصل 42 من الدستور المغربي.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن إصدار بيان من الديوان الملكي من المحتمل جدا أن تعتريه العديد من الإشكالات في سياق عرضه للأحداث والمعطيات، هل سيشير إلى أن الملك كان يتجول ويستمتع في المياه المغربية؟ الأمر الذي قد يثير حفيظة اسبانيا بكل مكوناتها التي لا تجتمع ويكون لها موقف موحد إلا عندما يتعلق الأمر بالمغرب، أم أن البيان سيتحدث عن تواجد الملك بالمياه الإقليمية المحتلة من طرف الإسبان، مما يتحتم معه الإشارة إلى وجود تصور لدى الدولة المغربية لاستعادة الأراضي المغربية المحتلة خاصة وأن الملك هو المسؤول الأول عن” استقلال البلاد وحوزة المملكة في إطار حدودها الحقة “.حسب ما تنص عليه الفقرة الثانية من الفصل 42 من الدستور، لكن في جميع الحالات لا بد من توضيحات ومواقف بحيث لا يعقل أن تتسيد رواية جريدة معادية لمصالح المغرب الساحة بعد أن أصبحت المرجع الوحيد للإعلام الدولي في هذه الحادثة.
إن السياسة التي يتعامل بها الديوان الملكي على مستوى التواصل لم تعد مقبولة في زمن المعلومة والمواقع الاجتماعية والإخبارية..سواء في هذه القضية أو في قضايا أخرى حفلت بها الساحة، لاعتبارات عديدة خاصة وأن الملك هو رئيس الدولة ويتربع على ملكية تنفيذية تشرف على كل كبيرة وصغيرة بهذا البلد، تقول الفقرة الأولى من الفصل 42 من الوثيقة الدستورية “الملك رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة”. علاوة على أن القصر الملكي يتوفر على ناطق رسمي لم نسمع له خرجة أو تصريح منذ تعيينه، فأحداث مرت ووقائع جرت دون أن نسمع لهذا الناطق همسا، فليس بالصمت تعالج مثل هاته القضايا يا صناع القرار والتسويق الرسمي ؟.
أكثر من هذا متى سيدشن الديوان الملكي تواصله مع الصحافة المغربية بجميع تلاوينها ؟ ومتى سيعيد الملك الاعتبار للصحافة الوطنية ويجري معها حوارات ومقابلات صحفية مباشرة، عوض الاقتصار على إجراء حوارات على قلتها مع الصحافة الأجنبية؟ ومتى سيفهم صناع القرار بالمغرب أهمية ودور الإعلام الوطني وتعطى له الأولوية في المعلومة التي أصبح يبحث عنها في الصحافة الأجنبية ؟، وأتذكر هنا ما قاله الراحل المهدي المنجرة في محاضرة بطنجة ذات رمضان، أنه سافر مباشرة لفرنسا بعد عودته من اليابان، فقيل له لم ؟ قال لأعرف ما الذي يجري ببلدي ؟، رحمك الله يا مهدي ورحم الله جميع موتى المسلمين