إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن
فقه الخلاف
وأثره في القضاء على الإرهاب
بحث مقدم لمؤتمر ” موقف الإسلام من الإرهاب “
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
1- 3 /3 /1425 هـ
إعداد
د . يوسف بن عبدالله الشبيلي
الأستاذ المساعد بقسم الفقه المقارن
بالمعهد العالي للقضاء
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة البحث
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين ، أما بعد :
فإن الله بعث نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالشريعة الغراء ، والملة السمحاء ، والحنيفية البيضاء ، ومن سمات هذه الشريعة أنها شريعة خاتمة لكل الشرائع ، وعامة لكل الناس ، وشاملة لكل نواحي الحياة ، فما تركت شيئاً مما يحتاج إليه الناس إلا وبينت لنا وجه الحق فيه ، ودلتنا على خير ما يصلح لنا ديننا ودنيانا ، وحذرتنا من كل ما تعود عاقبته وبالاً علينا ، يقول تعالى : ” ما فرطنا في الكتاب من شيء ” ( الأنعام :38) .
وإن من أهم القضايا التي عالجها الإسلام قضية الإرهاب ، تلك القضية التي أضحت البشرية تعاني منها أشد المعاناة ، وذاقت بسببها الويلات ، فلم تعد تمارس على مستوى الأفراد فحسب ، بل على مستوى الدول والجماعات والمنظمات ، وكان المسلمون هم الضحية الأولى لهذه الظاهرة ، حيث تنتهك حقوقهم ، وتسلب أموالهم ، وتزهق أرواحهم ، في ظل ما يسمى ب ” مكافحة الإرهاب ” .
وقد حذر الإسلام أتباعه من الانزلاق في هذه المزلة الخطيرة ، ووضع السياجات الحصينة التي تحميهم من الوقوع فيها ، فجاءت النصوص الشرعية بالتحذير من الغلو في الدين ، والانحراف في فهم نصوص الشرع الحكيم .
ولعل من أهم أسباب الانحراف في هذا الباب عند المسلمين الجهل بفقه الخلاف وآدابه ، حيث يحل العنف في مسائل اجتهادية محل الحوار ، وتظهر المنابذة في أمور تقتضي الصفح والوئام ، وربما أدى الأمر في بعض الحالات إلى تكفير المخالف واستباحة دمه في مسألة غاية ما فيها أن القائل بها إما مجتهد مخطئ له أجر واحد ، أو مجتهد على حقٍ فله أجران ، ولذا أحببت أن أقدم هذه الدراسة المتواضعة بذكر ما يسمح به المقام من قواعد الخلاف المستنبطة من نصوص الشريعة ، وأقوال أهل العلم ، وقد اقتصرت على عشر قواعد لأن المقام لا يتسع لأكثر من ذلك ، على أن أستوفي الحديث عن بقية القواعد في بحث أطول إن شاء الله تعالى .
ويجدر التنبيه إلى أن المقصود بالإرهاب في هذا البحث الإفساد الذي يقصد منه انتهاك حقوق المعصومين ، في دمائهم أو أعراضهم أو أموالهم أو غير ذلك مما كفلته الشريعة لهم ، أما ما كان دفاعاً مشروعاً ضد معتدٍ ظالم ، فلا يعد ذلك إرهاباً بل هو الكفاح المشروع الذي أقرته كل الشرائع السماوية والأنظمة الوضعية .
أسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمنا الرشد والصواب وأنة يوفقنا للخير والسداد .
تمهيد في معنى الخلاف
الخلاف في اللغة والاختلاف والمخالفة بمعنىً واحد[1] ، قال في المصباح المنير : ” خالفته مخالفة وخلافاً وتخالف القوم واختلفوا إذا ذهب كل واحدٍ إلى خلاف ما ذهب إليه الآخر ، وهو ضد الاتفاق “[2] .
ولا يختلف
إرسال تعليق