يشن الكيان الصهيوني في هذه الأيام حربا شعواء على السكان العزل في قطاع غزة المحاصر لأزيد من ثمان سنوات، نتج عنها لحد كتابة هذه الأسطر 635 شهيدا و 4040
يشن الكيان الصهيوني في هذه الأيام حربا شعواء على السكان العزل في قطاع غزة المحاصر لأزيد من ثمان سنوات، نتج عنها لحد كتابة هذه الأسطر 635 شهيدا و 4040 جريحا ،مع تدمير للبنى التحتية و الممتلكات العامة و الخاصة، فلم يشفع للصهاينة سجنهم لأهل غزة الخانق، و تدميرهم المتواصل للأنفاق التي تعد الشرايين الوحيدة لتنفس الحياة لهذا القطاع؛ فمن خلالها يتم تمرير حاجيات و ضرورات الحياة على مرأى و مسمع كل دول العالم و منظماته الحقوقية و السياسية التي لا تعرف حقا إلا عندما يمس جناب الغربي ،أما المسلم العربي فيبدو أن لا حقوق له في شريعتهم سوى الشجب و الإدانات التي لا يتعدى مفعولها قاعة الاجتماعات. فالغطرسة الصهيونية تأبى سوى الاستمرار في مسلسل المجازر و المذابح ضد الشعب الفلسطيني الأعزل و التي راح ضحيتها آلاف من الشهداء و الجرحى و المعتقلين منذ الوعد المشؤوم لبلفور؛ ففي سنة 1947 كانت مذبحة بلدة الشيخ التي راح ضحيتها أكثر من 500 شهيد، و في 1948 كانت مذبحة دير ياسين التي راح ضحيتها أكثر من 350 شهيد و مذبحة اللد التي راح ضحيتها أكثر من 400 شهيد، و في سنة 1956 كانت مذبحة خان يونس التي راح ضحيتها أكثر من 600 شهيد، و في سنة 1982 كانت مذبحة صابرا و شاتيلا المروعة التي شاركت فيها حركة أمل الشيعية و التي راح ضحيتها أكثر من 3500 شهيد، و في 1993 كانت مذبحة المسجد الإبراهيمي التي راح ضحيتها أكثر من 600 شهيد، و في سنة 2000 كانت مذبحة الأقصى التي راح ضحيتها أكثر من 500 شهيد، و في سنة 2008 كانت مذبحة غزة التي راح ضحيتها أكثر من 1400 شهيد،… ناهيك عن التقتيل الذي لم يتوقف يوما منذ الاحتلال الصهويني، و ما زالت التضحيات تتوالى رغم المحاولات الصهيونية المستميتة لكسر و ثني عزيمة و صمود و إرادة الشعب الفلسطيني في حصوله على حقوقه المشروعة، و ما زالت الدماء تسيل ظلما و عدوانا ،لا زال أهل غزة يتحدون دبابات جيش الاحتلال الصهيوني بمعداته و أسلحته و طلقات رصاصه المحرمة دوليا، ما زال الطفل الشهيد يدون رسالته للعالم اجمع بدمه الزكي الطاهر ليجعل العالم يستيقظ على صيحاته و تكبيراته المصممة على نيل حقوقه بصموده و قلبه و دمائه الطاهرة أمام تجاذبات دولية لا تعرف حقا للإنسان الفلسطيني المسلم؛ و هي التي ملأت الدنيا ضجيجا بقضايا حقوق الإنسان كما و كيفا، و لا شك أن أعظم حقوق الإنسان حقه في الحياة ،و هذا ما اقروه في مؤتمراتهم و صار إعلانا عالميا، و اعتبروا أن حق الحياة حق أساسي أولي للإنسان _ و هو كذلك بلا شك_ : “يولد جميع الناس أحرارًا متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميرًا، وعليهم أن يعامل بعضهم بعضًا بروح الإخاء”و “لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان دون أي تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر” و “لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه” و”لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الخاصة بالكرامة” و “لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفًا” و “يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه” “لكل فرد حق التمتع بجنسية ما، ولا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفًا” و”لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا”، فكيف تعاملت هذه المنظمات مع حقوق أهل غزة و فلسطين؟ فأين هو حق الحياة في حالة الشعب الفلسطيني؟ و بالنسبة للشرعية الدولية أين هو حق الشعوب في تقرير مصيرها؟ و عدم جواز الاستيلاء على ارض الغير بقوة؟ وحق الشعوب في مقاومة الاحتلال؟ و حق المدنيين تحت الاحتلال في الحماية؟ لقد داست هذه المنظمات على حقوق الشعب الفلسطيني و جعلتها مجرد لعبة تجاذبات بين الأطراف الدولية، بل تجاوزوا ضرب هذه المبادئ عرض الحائط إلى دعم الكيان الصهيوني، و قتل المدنيين و إمدادهم بكل أنواع أسلحة البطش و القتل، و حماية هذا الكيان اللقيط سياسيا و اقتصاديا و إعلاميا ،و لكن المؤسف له حقا هو موقف الحكومات العربية التي رضخت للضغوط الغربية و خضعت لتهديدهم و استسلمت لتلك التجاذبات و قبلت بها، فقد سقطت الأقنعة عن وجه الغرب و منظماته ،و بانت عمالة الأنظمة العربية لها مما يبين سبب ضعفها و تهافتها و أنها غير منتخبة و لا تمثل شعوبها التي خرجت جموعا إلى الشوارع منددة بهمجية آلة القتل الصهيونية.
و في الختام انقل فقرة للمفكر المغربي المهدي المنجرة-الذي عرف حقيقة هذه المنظمات و هو الذي كان عضوا في العديد منها و كشف عن أسرارها و خباياها- يجسد فيها هذا الأمر بكل وضوح فيقول: “جميع المنظمات الدولية ،سواء الحكومية منها أو غير الحكومية ،قد فقدت مصداقيتها .و مثال ذلك ؛منظمة الأمم المتحدة ،التي أصبحت عبارة عن آلة في يد دولة واحدة ،هي الولايات المتحدة و نحن نحصل يوما عن يوم على دليل لهذه الهيمنة، و الشئ نفسه يصدق على منظمات العالم الثالث ،مثل الجامعة العربية أو ما يسمى بمنظمة الوحدة الإفريقية أو منظمة المؤتمر الإسلامي و الايسيسكو ؛فهذه المنظمات كلها قد انتهت فعاليتها و انتهت مصداقيتها ؛و لا يمكن للمرء أن يتصور حتى إمكانية إصلاحها“.