ريحانة برس – هيئة التحرير
في المغرب، يتصاعد الحديث حول الأولويات الحكومية في ظل تفاقم الأوضاع الصحية وافتقار المستشفيات إلى المعدات والكادر الطبي المؤهل.
في هذا السياق، تبرز قضية الإنفاق على الزوايا والأضرحة، التي تنتشر بكثافة عبر مختلف جهات المملكة، إذ نجد على سبيل المثال أن جهة الرباط سلا القنيطرة تضم أكثر من 400 زاوية وضريح، وجهة الدار البيضاء سطات تتجاوز 886، بينما تحتوي جهة مراكش آسفي على 695، وتتفاخر جهة سوس ماسة بوجود 1155 زاوية وضريح، في حين تصل جهة تطوان الحسيمة إلى 1012.
هذه الأرقام تدفع إلى التساؤل حول ما إذا كان التوجه الحكومي نحو تخصيص مليارات الدراهم لهذه المواقع يستحق الثمن في مقابل التدهور المستمر في قطاع الصحة.
وفي ظل الظروف الراهنة، يبدو أن الزوايا والأضرحة تحتل مكانة كبيرة ضمن سياسات الإنفاق العمومي، في حين يعاني قطاع الصحة من نقص شديد في الموارد والمرافق. فهل يعكس هذا الاهتمام المتزايد بالزوايا أولويات صحيحة؟ أم أن هذا التوجه يؤدي إلى إهدار موارد ضخمة كان من الممكن أن تُستخدم في تحسين البنية التحتية الصحية وتقديم خدمات طبية أفضل للمواطنين؟
من الصعب تبرير هذا الفارق الصارخ بين الإنفاق على الأضرحة وتجاهل المستشفيات التي تعاني من شح الإمكانيات، مما يجبر العديد من المواطنين على اللجوء إلى المستشفيات الخاصة أو حتى السفر إلى الخارج بحثًا عن العلاج المناسب. لو وُجِّهت هذه الأموال الطائلة نحو بناء مستشفيات جديدة أو تجهيز تلك القائمة، لكان المغرب قد قطع شوطًا كبيرًا في تحقيق التفوق في مجال الرعاية الصحية.
لا شك أن للزوايا والأضرحة أهمية تاريخية وروحية في المجتمع المغربي، فهي جزء من الإرث الثقافي والديني للبلاد. لكن يبقى السؤال حول مدى ملاءمة توجيه الموارد العامة لهذا القطاع في الوقت الذي تحتاج فيه قطاعات حيوية، مثل الصحة، إلى استثمارات عاجلة. هل من المقبول أن نستمر في هذا النهج، بينما يعاني المواطنون من نقص الرعاية الصحية الأساسية؟
إذا كانت الزوايا تمثل رموزًا دينية وتراثية، فإن المستشفيات تمثل ركيزة أساسية للحياة الكريمة. فالحق في الرعاية الصحية من أهم حقوق الإنسان، ولا يمكن تبرير التضحية به تحت أي ذريعة، سواء كانت سياسية أو ثقافية.
كما ان المغرب يواجه اليوم تحديات كبيرة في مجال الصحة، وإذا لم تُعد الحكومة النظر في أولوياتها المالية، فإن هذا التحدي سيزداد تفاقمًا. التركيز على بناء الزوايا والأضرحة على حساب تحسين البنية التحتية الصحية لن يقود إلا إلى تدهور أكبر في مستوى الرعاية الطبية المتاحة للمواطنين. من الضروري أن تتحلى الحكومة بالشجاعة السياسية لتغيير هذا المسار وتوجيه الموارد حيث تكون الحاجة أكبر.
يظل التساؤل مشروعًا: هل نواصل الإنفاق على الزوايا والأضرحة في الوقت الذي تحتاج فيه المستشفيات إلى كل درهم؟