كانت الجماهير التي اكتظت بها المدرجات تهلل عندما أحرز رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان هدفه الثالث في مباراة في كرة القدم بين فريقين من المشاهير
كانت الجماهير التي اكتظت بها المدرجات تهلل عندما أحرز رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان هدفه الثالث في مباراة في كرة القدم بين فريقين من المشاهير أقيمت بمناسبة افتتاح استاد في اسطنبول.
وعلى وقع تهليل الجماهير كان عراكا بالأيدي قد اندلع تحت قبة البرلمان بين نواب الحزب الحاكم والمعارضة.
كان اردوغان يرتدى قميصا برتقاليا يحمل الرقم 12 في إشارة إلى طموحه أن يصبح الرئيس رقم 12 لتركيا في أول انتخابات يختار فيها الشعب التركي رئيسه في العاشر من غشت
ولا يكاد يشك أحد أن اردوغان، الذي هيمن على الحياة السياسية في تركيا لأكثر من عشر سنوات، سيفوز على منافسه الرئيسي أكمل الدين إحسان أوغلو، الدبلوماسي الذي لم يكن له دور يذكر في الساحة السياسية أو على السياسي الكردي الطموح صلاح الدين دميرتاش.
لكن خصوم اردوغان يقولون إن السباق غير متكافيء وإن كان رئيس الوزراء نفسه ينفي ذلك.
وفي اثناء مناقشة في البرلمان أشعل هؤلاء الخصوم عراك بالأيدي، الاثنين، مع نواب الغالبية على خلفية تشكيل لجنة لبحث خطر الجهاديين المتطرفين في العراق.
وطالب نواب حزب الحركة القومية المعارض بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية حول تجاوزات “الدولة الاسلامية” التي خطفت عشرات الاتراك في مدينة الموصل شمال العراق، بحسب ما ذكر تلفزيون ان تي في الخاص.
وخلال التصويت على هذا الاقتراح اتهم النائب علي اوزونرماك خصومه في حزب العدالة والتنمية الحاكم بالتصويت عن زملائهم الغائبين ووصفهم بـ”غير النزيهين”.
ورد النائب عن حزب العدالة مصطفى شاهين على اوزونرماك وسرعان ما تحولت المشادة الكلامية الى عراك بالأيدي.
وأظهرت مشاهد التقطت في البرلمان شاهين وهو ينزف من انفه فيما كان اوزونرماك يعاني من جروح في الرأس.
لكن الامور تدهورت اكثر بعد ان نشب عراك اخر بين النائب عن حزب الحركة القومية سينان اوغان ونواب من حزب العدالة.
وبعد ان سقط ارضا تلقى اوغان لكمات في الوجه ما ادى الى رفع الجلسة البرلمانية.
وواصل النائب حملته على تويتر واصفا خصومه في حزب العدالة والتنمية بـ”الكلاب”.
وقال “لا يمكنهم ان يكونوا خمسة في مواجهة شخص واحد. هاجمني 60 شخصا في آن واحد لكن جاءهم الرد. بعون الله سندافع عن حقوق الشعب التركي في البرلمان. لا يهم عدد الكلاب في حزب العدالة والتنمية الذين سنواجههم”.
والعراك عنيف بالأيدي بين النواب في البرلمان قبل ايام من استحقاق انتخاب رئيس جديد.
تركيز للسلطات في يديه
لكن فوز اردوغان سيركز مزيدا من السلطات في أيدي الرجل الذي قسم المجتمع التركي على أسس علمانية ودينية وأثار القلق بين حلفاء تركيا الغربيين.
وفي حين أن منافسي اردوغان مولوا حملتهم الانتخابية من التبرعات، فقد حول رئيس الوزراء ظهوره في المناسبات العامة وبعضها تموله الدولة إلى استعراض للقوة من مراسم بدء العمل في ثالث مطارات اسطنبول في يونيو إلى افتتاح خط قطار فائق السرعة في أواخر يوليو/تموز.
وجاب اردوغان البلاد طولا وعرضا بطائرة رئيس الوزراء ليخطب في أنصاره وبدأ بالفعل حملته الانتخابية قبل موعد بدايتها رسميا الذي حددته لجنة الانتخابات في 11 يوليو.
وقال المتحدث باسم اردوغان إن رئيس الوزراء توقف عن استخدام الطائرة والسيارة الرسميتين منذ سريان قيود أكبر على الحملة الانتخابية في 31 يوليو.
ورفضت لجنة الانتخابات في يونيوالتماسا من حزب المعارضة الرئيسي حزب الشعب الجمهوري أن يستقيل اردوغان من رئاسة الوزراء حتى يمكنه الترشح للرئاسة. ويشير اردوغان نفسه إلى الحملات الانتخابية التي شنها الرئيس الاميركي باراك أوباما والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل أثناء وجودهما في السلطة.
رياضي يستخدم العقاقير
وقال جم توكر، رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي المعارض، الذي كتب الكثير عن النظام الانتخابي في البلاد “في رأيي أن اردوغان أشبه برياضي يسمح له باستخدام العقاقير المنشطة المخالفة للقوانين والمشاركة أيضا في المنافسة.”
وأضاف توكر الذي يؤيد حزبه إحسان أوغلو “الفترة التي قضاها في السلطة وشعبيته والكاريزما التي يتمتع بها تمنحه ميزة عادلة… لكن استخدامه أموال الدولة ومواردها دون أي تمييز يمنحه ميزة غير عادلة على الاطلاق.”
ورددت عدة وفود أوروبية زارت تركيا لمراقبة الحملة الانتخابية أصداء مخاوف توكر.
وقالت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي تراقب الانتخابات في تقرير مبدئي صدر في 31 يوليو/تموز “أنشطة رئيس الوزراء في الحملة الانتخابية أحداث من الحجم الكبير وكثيرا ما يتم الجمع بينها وبين مناسبات حكومية رسمية.”
وأضاف التقرير “رغم أن المرشحين الآخرين يشاركون بنشاط في الحملات الانتخابية فإن قدرة جمهور الناس على متابعة حملاتهم محدودة.”
وأشار وفد المنظمة إلى أن لعب أطفال وأوشحة نسائية وزعت على الجمهور في أعقاب كلمة ألقاها اردوغان في مدينة أوردو المطلة على البحر الأسود يوم 19 يوليو.
وقال متحدث باسم مكتب اردوغان إن أنشطة رئيس الوزراء الانتخابية لم تخالف القانون.
وقال المتحدث “القول الفصل لما ورد في القانون ولا شيء حدث هنا يخالف القانون.”
وقال وفد من مجلس أوروبا الذي يهدف للترويج لحقوق الانسان ونشر الديمقراطية للمجلس المسؤول عن تنظيم البث الاذاعي والتلفزيوني في تركيا في يوليوإنه يجب التمييز بوضوح بين خطب اردوغان كرئيس للوزراء والخطب التي يلقيها كمرشح للرئاسة.
وقالت وسائل اعلام محلية إن تقريرا تم إعداده بناء على طلب عضو من المعارضة بالمجلس توصل إلى أن هيئة البث التابعة للدولة خصصت 533 دقيقة لاردوغان في الفترة بين الرابع والسادس من يوليو/تموز. وفي الفترة نفسها خصصت الهيئة لاحسان أوغلو ثلاث دقائق و24 ثانية ولدميرتاش 45 ثانية فقط.
وأشار مجلس أوروبا إلى عواقب مقلقة ربما تنتج عن قرار لجنة الانتخابات أن اردوغان ليس بحاجة للاستقالة من رئاسة الوزراء أثناء خوضه حملة انتخابات الرئاسة.
وقال في البيان الذي صدر عقب زيارته في يوليو “أشار الوفد… أن رئيس الوزراء ليس مجبرا على الاستقالة بمقتضى القانون غير أن القانون يمنع استخدام الموارد الادارية.”
وأضاف “هذا المنصب يتيح له إمكانية كبيرة للاستفادة من موارد وتغطية اعلامية في غياب قواعد صارمة. وقد أثيرت مسألة سوء استخدام الموارد الادارية في عدة مناسبات خلال الاجتماعات.”
وقال متحدث باسم مكتب اردوغان إن كل الأنشطة الانتخابية تتفق مع القانون.
وتمنع القوانين الانتخابية في تركيا إلقاء الخطب وإقامة مراسم افتتاح رسمية لخدمات أو مشروعات تمولها الدولة والمجالس البلدية خلال فترة الحملات الانتخابية. كما أنها تفرض بعض القيود على استخدام سيارات الدولة خلال الحملات.
لكن ترشح اردوغان أعلن قبل نحو ثلاثة أسابيع من البداية الرسمية للحملات في 31 يوليو. وخلال تلك الفترة ألقى اردوغان خطبا في مناسبات في مختلف أنحاء البلاد موجها الانتقادات لخصومه ومهللا لنجاحاته.
وقال سامي سلجوق أستاذ القانون والرئيس السابق لمحكمة الاستئناف “الغرض من الضرائب التي ندفعها كمواطنين أن تنفق على الصالح العام. ولا يمكن للسياسي أن ينفقها لصالحه الخاص. ومن الواضح أن استخدام طائرة رئيس الوزراء في الحملة الانتخابية مخالف لقيم أخلاقية بعينها.”
وتخوض تركيا للمرة الأولى تجربة التصويت الشعبي لاختيار الرئيس. ففي الماضي كان البرلمان يختار رؤساء الدولة ولهذا لم تثر من قبل مسألة تمويل الحملات الرئاسية على النحو الحالي.
وقال جوخان سين رئيس شركة بروجي يابيم للدعاية لصحيفة حريت إن الحملة الانتخابية تتكلف ما يقرب من 50 مليون ليرة (24 مليون دولار) ينفق جانب كبير منها على التلفزيون والمطبوعات وكذلك المؤتمرات الانتخابية.
طبقة طفيلية من رجال الاعمال
وفي السنوات التي قضاها اردوغان في الحكم والتي تجاوزت العشر سنوات شهدت تركيا فترة نمو اقتصادي وظهور طبقة جديدة من رجال الأعمال المحافظين الموالين لاردوغان.
ويقول خصوم اردوغان إن هذه الشبكة من قطاع الاعمال وسهولة تدبيرها للمال استفادة من ثروات أصحابها سهلت مهمة اردوغان ما خلق خللا في عملية تمويل الحملات الانتخابية. وامتنع اردوغان نفسه عن التعقيب على تمويل حملته الانتخابية.
وقال دميرتاش الذي يحتل المركز الثالث في استطلاعات الرأي بفارق كبير إنه جمع حوالي 600 ألف ليرة من تبرعات الناخبين بينما قال إحسان أوغلو إنه جمع أكثر من مليوني ليرة حتى الأسبوع الماضي. ولم يذكر مكتب اردوغان رقما لما جمعه رئيس الوزراء لحملته.
وشكا المرشحان المنافسان من هيمنة اردوغان على وسائل الاعلام التركية التي تملكها في الغالب شركات كبرى لها صلات أعمال بحزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء والتي تراجعت مكانتها في تصنيفات حرية الصحافة العالمية في السنوات الأخيرة.
وتراجعت تركيا إلى المركز 154 من بين 180 دولة في المؤشر العالمي لحرية الصحافة للعام الجاري بالمقارنة مع 116 عام 2003 عندما وصل حزب العدالة والتنمية للحكم.
وتعرضت وسائل الاعلام التركية لانتقادات من منتقدي الحكومة الصيف الماضي لبث خطب اردوغان على الهواء وعدم تغطية المظاهرات المناهضة للحكومة التي اجتاحت البلاد في بدايتها على الاقل.
وقالت إسراء ارسان أستاذ الصحافة بجامعة بيلجي في اسطنبول “خلال 12 عاما ازداد حزب العدالة والتنمية خبرة في كيفية فرض الرقابة على الصحف وكيفية نشر الخوف بين وسائل الاعلام. والممارسة تصل بالرقابة إلى مستوى الكمال.”