“طيور الأسد” كيف كان الهارب يتجسس على شعبه وهي طرق تجسس جل الانظمة العربية على شعوبها

  • الكاتب : حسن الخباز
  • بتاريخ : 29 ديسمبر، 2024 - 15:57
  • ريحانة برس 

    مع أنه حاول إخفاء آثار كل جرائمه وجرائم أبيه ، فقد طفت على السطح أسرار تجسس بشار الأسد على السوريين ، حيث أخرجها الثوار من الأقبية ولم تعد سرية مخفية كما أراد لها الرئيس السوري السابق .

    نظرا لكثرة جرائمه التي لا تعد ولا تحصى ، ومع أنه أخفى الكثير منها عبر الحرق لكن بقي أيضا الكثير وهو يظهر للعلن بشكل تدريجي ، ومن المنتظر أن يعلم الشعب السوري باغلب جرائم حاكمهم السابق ووالده حافظ والتي ظلت طي الكثمان طيلة عقود .

    نظام المراقبة لدى الأسد شامل وخانق لم يكتفِ بالتنصت على الهواتف واختراق أجهزة الكمبيوتر، بل وثق تفاصيل لا تُصدق عن حياة المشتبه بهم.

     

    في أحد التقارير، سجلوا موقع المرآب الذي أصلحت فيه والدة أحد المشتبه بهم سيارتها. وفي تقرير آخر، رصدوا عدد المباني السكنية التي يملكها شخص ما.

     

    “طيور الأسد” هي الوثائق التي أزيح عنها الستار وانكشف امرها بعدما عثر عليها مقاتلون من المعارضة السورية في حمص وبالضبط في أربعة فروع من جهاز المخابرات السوري الغير مأسوف عليه .

    “طيور الاسد” هي إحدى أسرار نظام المراقبة التي اقامها نظام الرئيس الهارب بشار الأسد ، والتي كانت تهدف لعد انفاس السوريين ومعرفة أدق تفاصيل حياتهم وإعداد ملفات كاملة وشاملة عن كل من يشتبه في كونه قد يشكل خطرا في المستقبل على هذا النظام الذي حكم سوريا بالحديد والنار لمدة 53 سنة متوالية .

     

    وقد رصدت “صنداي تايمز” طريقة تحويل الأسد لشعبه إلى شبكة عملاقة من المخبرين أطلق عليهم إسم “طيور الأسد” ، لكونهم موجودين في كل مكان ويحسبون أنفاس السوريين ويرصدون كل صغيرة وكبيرة .

     

    وقد اطلعت هذه الجريدة البريطانية على آلاف الملفات المكتوبة بخط اليد والتي تم طبعها باللغة العربية الفصحى ونجت بأعجوبة من عملية حرقها بعدما تم إحراق الملايين منها في محالة لطمس وإخفاء كل معالم جرائم النظام البعثي السابق .

     

    من بين الوثائق التي لم يكتب للنار أن تصلها هناك على سبيل المثال لا الحصر وثيقة تهم قضية طفل في الثانية عشرة من عمره ، كل ذنبه انه ضبط تحت مقعده بالفصل على صورة الأسد ممزقة ، وقد تم اعتقاله على ذمة هذه القضية التي تعتبر جريمة خطيرة في عرف نظام بشار .

     

    الصورة الممزقة اكتشفها تلاميذ يدرسون معه في نفس الفصل وتم التبليغ عنه لدى المعلم ليبلغ بدوره المشرف التربوي ليصل الأمر للشرطة ومن تم إلى الأمن السياسي وتصبح قضيته قضية أمن دولة .

     

    معلمه شهد في التحقيقات أنه تلميذ هادئ ، ذو سلوك حسن ، لم يسبق له أن صدر منه أي سلوك عدواني أو سلبي ، ومع أن ملف عائلته يخلو من نشاط معارض لسياسة الدولة ، فلم يشفع له كل هذا في البراءة وإخلاء السبيل ، وقد حوكم على ذمة هذه القضية بحكم أنه يشكل خطرا على أمن الدولة في نظر المحققين .

     

    ومن أخطر القضايا التي كشف عنها الستار ملف “طيور الأسد” هناك قضايا لتجسس ضحايا على عائلاتهم ، فقد تم العثور على ملف لفتاة في العشرينات من عمرها تم إطلاق سراحها بشرط أن تتجسس على عائلتها .

     

    كشفت الوثائق التي عثر عليها كيف أن العمل الإنساني أيضا لم يسلم من المراقبة ، فقد وثقت الملفات قصة أب لطفل يعمل في منظمة إنسانية. جريمته كانت “التنسيق مع المعارضة” للوصول إلى المناطق المحاصرة لتقديم المساعدات. راقبوا حسابه على فيسبوك، اخترقوا جهاز كمبيوتره، ثم اعتقلوه بتهمة “التواصل مع الإرهابيين”. انتهت قصته بالتعذيب حتى الموت في السجن.

     

    هذا ، وقد وثقت أيضا “طيور الأسد” حالات عديدة لمخبرين تم اعتقالهم ثم أُطلق سراحهم بعد اكتشاف أنهم عملاء سريون لأجهزة أمن أخرى فقد كان الجميع يراقب الجميع ، ولا أحد يثق في أحد ، دولة مخابرات بامتياز وهذا هو حال اغلب الأنظمة العربية الفاسدة التي تعتمد على المخابرات بشكل كبير وترصد للتجسس مبالغ باهضة حفاظا على استمرار النظام وعدم التشويش عليه .

     

    “طيور الاسد” مثال حي لما تعيشه أغلب الدول العربية ، بحيث يجرى عليه تعديل بسيط في إسم الرئيس لكن جريمة التجسس هي هي، بل هناك أنظمة تعتد طرقا أكثر تطورا وسينكشف عنها طابع السرية مباشرة بعد مرور رياح الربيع العربي عليها . وهي مسألة وقت ليس إلا .