ريحانة برس- محمد اليحياوي
الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية وسياسة التهميش في مدينة مكناس ليست وليدة اليوم فحسب وليست أزمة عابرة تنقضي هكذا لوحدها مع الأيام، وليست نتاج وتحصيل حاصل لجانب من جوانب النقص أو الخطأ أو سوء تصرف من ناحية من النواحي، وإنما هي كارثة حلت بالمدينة وأردتها إلى الحضيض وإلى درك منتهى المعاناة والمعضلات والمأساة، وكل ذلك ليس بسبب طارئ أو دخيل معين وإنما نتيجة بناء على أساس خاطئ من الأصل، وما بني على خطأ فهو خطأ، وهو آيل إلى السقوط لا محالة، وهذه سنة كونية في الوجود.
على أرض الواقع عندما يفلس شخص ما أو مؤسسة معينة فلن تفيد الإصلاحات لحل المشكلة، وإنما يجب البدء من نقطة الصفر ببداية جديدة وبآلية جديدة، وبرؤية أحدث وأجدى، فالإصلاحات في أي شيء قانون يكمن في ذاته وكذا التجديد، أي أن نرقع الثوب البالي بقطعة قماش جديدة يعني أننا استهزأنا بعقولنا وعقول وأبصار الآخرين.
انتشر عن مدينة مكناس بأنها مدينة القيل والقال وكل واحد له فيها دكان…
وقح المكناسيين يطالبون بسحب مصطلح النقاش البيزنطي من البيزنطيين وتسميته بالنقاش المكناسي كونهم أحق به وأولى…
فلقد وصل البعض في مكناس إلى أعلى درجات النقاش العقيم الذي لا فائدة منه نقاش يدور في نفس الحلقة ويعود لنفس النقطة.
النقاش أو الجدل البيزنطي هو أن يتناقش الطرفان دون أن يُقنع أحدهما الآخر، أو دون أن يتنازل الآخر عن وجهة نظره، سلبية كانت أم إيجايبة، وهذا ما قد يؤدي إلى اختلال في التوازن الفكري لدى أحد الطرفين، أو ربما كلاهما…
للعلم هذا النقاش المسمى البيزنطي كان يدور على مواضيع ليست في وقتها حيث كانت مدافع محمد الفاتح تدك أسوار القسطنطينية وبالفعل سقطت في يده.
فهل نحتاج فعلا الى ترديد المقولة المشهورة لسيدي قدور العلمي حين قال في مكناس وناسها:
آش ذا العار عليكم يا اهل مكناس؟
مشات داري في حماكم يا اهل الكرايم…
سبتي وهلاكي الامان في بن آدم!؟؟؟
الاستاذ اليحياوي: بعد التحية والسلام عليك، أود أن أشكرك شكرا جزيلا على هذه الاطلالة التحليلية البليغة التي اوجزتم فيها كل ما يمكن أن يقال عما يجري بمكناس من انتقادات لهذه الجهة أو تلك ومن مواخدات لهذه المؤسسة أو تلك، حين وصفتم ما يجري بالجدل العقيم الذي أدى فعلا إلى الاخلال بالتوازن الفكري لدى جل المنتقدين لما آلت اليه المدينة من تهميش وتخلف اقتصادي واجتماعي وسياسي دون الاهتداء إلى الأسباب الحقيقية التي أدت إلى الوضعية المتؤزمة التي أصبحت عليها العاصمة الإسماعيلية، في غياب إرادة سياسية واضحة ومقنعة بأن الدولة العميقة تريد فعلا الخير لهذه المدينة من خلال قرارات واصلاحات ومواقف سياسية تفضي إلى الاقلاع الاقتصادي والاجتماعي بالحاضرة المكناسية وتقضي بالتالي على كل مظاهر الفساد التي تطالها.