سيارات الدولة بالمغرب: هدر للمال العام واستخفاف بالتقشف الحكومي، أين سيارة نيموا من رفاهية المسؤولين؟

  • بتاريخ : 6 سبتمبر، 2024 - 22:24
  • الزيارات : 39
  • ريحانة برس – الرباط

    في مشهد يتكرر في المغرب، تستمر سيارات الدولة الفارهة في التجول بشوارع المملكة، مشكّلة رمزًا للترف والإسراف على حساب المال العام. على الرغم من المذكرات الصادرة عن وزارة الداخلية، التي تدعو لترشيد استعمال سيارات الدولة وحصر استخدامها في الأغراض المهنية، إلا أن هذه التوجيهات غالبًا ما تواجه الاستخفاف من قبل بعض المسؤولين الكبار الذين يعتبرون سيارات الدولة وسيلة لتحقيق رفاهية شخصية، بعيدًا عن روح المسؤولية التي تقتضيها مناصبهم.

    إن تفشي هذه الظاهرة يعكس غياب المحاسبة وضعف الالتزام بالإصلاحات التي تسعى الحكومة إلى تطبيقها. استخدام سيارات الدولة بشكل مبالغ فيه يثير استياء الرأي العام، لا سيما في ظل الأزمات الاقتصادية التي تواجه البلاد. ورغم الدعوات المتكررة لضبط الإنفاق الحكومي، إلا أن الواقع يشير إلى استمرار الفساد المالي وهدر الموارد العامة.

    ### **رئيس الحكومة والتقشف: هل سنشهد تغييرًا؟**

    في سياق إعداد قانون المالية لسنة 2025، دعا رئيس الحكومة الوزراء إلى تبني سياسة تقشفية صارمة، في محاولة لمواجهة التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تتفاقم بفعل ارتفاع الدين العام والتضخم. هذه الدعوة جاءت كاستجابة لأزمة تتطلب ضبط الإنفاق وترشيد الموارد، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل سنرى تغييرًا حقيقيًا في سلوك الحكومة، أم أن هذه الدعوات مجرد مغالطات سياسية تهدف إلى تهدئة الرأي العام دون أي أثر ملموس؟

    التجارب السابقة تثير الشكوك حول مدى جدية هذه الدعوات، إذ كثيرًا ما أُعلن عن إجراءات تقشفية، دون أن تصاحبها خطوات ملموسة للتغيير. فالمسؤولون الذين يستغلون سيارات الدولة، هم أنفسهم من يُفترض بهم قيادة عملية التقشف، مما يعزز الشك في قدرتهم على التخلي عن امتيازاتهم المادية والمعنوية.

    ### **أين سيارة “نيموا” من مشهد الإنفاق الحكومي؟**

    في هذا السياق، يطرح تساؤل مشروع: لماذا لا تتجه الدولة نحو الاستثمار في الصناعة المحلية لتقليص النفقات، مثل دعم استخدام سيارة “نيموا” المغربية الصنع لكبار المسؤولين بدل السيارات المستوردة الفاخرة؟

    سيارة “نيموا” ليست فقط وسيلة لدعم الصناعة الوطنية، بل تمثل أيضًا فرصة لترشيد الإنفاق العام وتعزيز الاقتصاد المحلي. الاستثمار في المنتوج الوطني بدلًا من السيارات المستوردة سيؤدي إلى تخفيف العبء على ميزانية الدولة وتقديم صورة إيجابية عن الحكومة في دعمها للمنتجات المغربية.

    لكن يبدو أن عشق المسؤولين للسيارات الفارهة، والتي ترمز إلى السلطة والنفوذ، أقوى من التفكير في مصلحة الاقتصاد الوطني. فبدلًا من الاستثمار في منتوج محلي يعزز الاستقلال الاقتصادي، يتم استيراد سيارات باهظة الثمن تُثقل كاهل الخزينة العامة وتزيد من فجوة الثقة بين الحكومة والشعب.

    ### **هل نحن أمام تغيير حقيقي؟**

    بين دعوة رئيس الحكومة للتقشف واستمرار بعض المسؤولين في الإسراف، يبقى السؤال المركزي: هل سيتغير شيء فعليًا في إدارة المال العام، أم أن هذه التصريحات ستبقى مجرد شعارات للاستهلاك السياسي؟

    الحقيقة هي أن أي تغيير لن يحدث ما لم تكن هناك إرادة سياسية حقيقية لمحاسبة كل من يستهتر بالمال العام ويهدر موارد الدولة. إن دعم المنتجات المحلية، مثل سيارة “نيو موتورز”، واعتماد ممارسات تقشفية فعلية يجب أن يكونا جزءًا من رؤية استراتيجية شاملة لتحقيق تنمية مستدامة، وليس مجرد شعارات تُرفع في زمن الأزمات.