رسالة محمد البلتاجي لابنته الشهيدة

0

نشرت الصفحة الرسمية للقيادي في جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد البلتاجي والمعتقل في سجن العقرب “رسالة لابنته الشهيدة أسماء البلتاجي في ذكرى استشهادها

نشرت الصفحة الرسمية للقيادي في جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد البلتاجي والمعتقل في سجن العقرب “رسالة لابنته الشهيدة أسماء البلتاجي في ذكرى استشهادها الأولى”، يخاطبها: “ابنتي، أستاذتي وقدوتي وقرة عيني”، في مشهد يحيل إلى يوم الرابع عشر من أغسطس/ آب 2013 يوم فضّ العسكر اعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في ميدان رابعة العدوية.  

خاطب الدكتور البلتاجي ابنته أسماء فيقول: “ابنتي (أستاذتي وقدوتي وقرة عيني) عام مر على ارتقاء روحك الطاهرة إلى بارئها وسط كوكبة من الشهداء الذين ارتقوا في ذلك اليوم الشهود الذي صار في التاريخ جوار يوم أصحاب الأخدود ويوم كربلاء العظيم… أرواح طاهرة صعدت للسماء في ثبات على الحق واستمساك به واستعلاء بالإيمان على كل صور القهر والذل والظلم والطغيان.. استعلاء يبلغ حد الاستهانة والاحتقار للظلم والظالمين”.

ثم يخاطب ابنته الشهيدة التي تنام في قبرها منذ عام: “ابنتي الحبيبة منذ أيام أعلنت نتيجة الثانوية العامة ثم تنسيق الكليات وسعدت بتوفيق الله لزميلاتك (اللاتي كنتِ دومًا أولهن وأسبقهن)، وتمنيت أن أحلّ محلك في تهنئتهن، ولكني والله كنت أكثر فرحًا بفضل الله عليكِ حين اختاركِ لتكوني إن شاء الله ضمن “قليل من الآخرين” أكرمهم الله فأدركوا “ثلة من الأولين” وكانوا معهم ضمن (الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين) بإذن الله”.

وهذه الرسالة الثانية التي يرثي فيها البلتاجي ابنته بعد الرسالة الأولى التي نشرها مباشرة بعد مقتلها:

 يواصل رسالته مبرزًا مدى اشتياقه إليها: “ابنتي الحبيبة، شوقي لوجهِك الجميل وثغرِك الباسم وحضورِك الرقيق وعقلِك الرشيد… لا يعلمه إلا الله ولا يصبر عليه إلا الله، لكنكِ في الوقت ذاته تعيشين بيننا ولم تفارقينا أبدًا. في إحدى زيارات أمك لي بالسجن فوجئت بها تقسم بالله أن أسماء تعيش بيننا، فقلت مصدقًا (نعم هم أحياء عند ربهم يرزقون)، فقالت لي هي تعيش بيننا قولًا وعملًا وحقيقةً وتشاركنا جهادنا وحياتنا.. وقصت عليّ أنها في كل وقت تلتقي شبابًا وفتيات يقصون عليها أنهم تعرضوا لمشكلات وأزمات في حياتهم وأنهم رأوا أسماء في الرؤيا تطمئنهم وتبشرهم وتنصحهم وتوجههم لفعل الخير حتى مروا من أزماتهم.. فقلت في نفسي طبتِ يا حبيبتي وطاب مسعاكِ قبل وبعد الشهادة الجليلة”.

وقُتلت أسماء أثناء فض اعتصام رابعة العدوية من طرف قوات الجيش والشرطة يوم 14 أغسطس/آب 2013، ولم يتم فتح تحقيق في مقتلها بحسب ما سبق أن قاله والدها محمد البلتاجي المحبوس علي ذمة عدة قضايا جنائية اتهم بها عقب الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في 3 يوليو/ تموز 2013. 

ويعود البلتاجي إلى مخاطبة ابنته مشيرًا إلى قتلها من طرف قناصة العسكر: “ابنتي وأستاذتي، شاءت إرادة الله أن يكون مقتلك –خصيصًا- على يد قناصة العسكر في ذلك اليوم المشهود آية وبرهان على صحة وعدالة القضية التي دافعت عنها وقتلت في سبيلها، ألا وهي الرفض التامّ لعودة حكم العسكر بعد ثورة يناير التي ما قامت إلا لتنهي ما جرّه العسكر على الوطن طيلة ستين عامًا من خراب ودمار وقمع وفساد وتخلف وتبعية… كان مقتلك أنتِ تحديدًا برهانًا أن الذين خرجوا ضد الانقلاب العسكري ما خرجوا لأجل جماعة ولا لعودة شخص، فأنتِ آخر من عرفت في حياتي كلها تحزبًا لجماعة أو انحياز لشخص أو حزب.. بل كثيرًا ما اختلفتِ وتمايزتِ عن موقف الجماعة وبخاصة تلك التي اعتبرتها تهاونًا غير مبرر تجاه العسكر وتجاه القصاص لشهداء الثورة… كما جاء قتلك وأنتِ الفتاة العزلاء التي لم تحمل سلاحًا ولا حجرًا دليلًا قاطعًا على أنهم استهدفوا كل من قال لا للانقلاب ووقف في وجه الظلم والظلمات.. كما جاء مقتلكِ غدرًا وخيانة وخسة بطائرة العسكر التي حلقت فوق رأسك وقناصة العسكر الذين انتشروا في الميدان دلالة الدناءة والنذالة منهم، ودلالة عدالة وصواب وحق موقف الرافضين لهذا الطغيان العسكري المغرور المتفرعن بآلياته العسكرية.. التي أنفق عليها الشعب من قوته ومعايشه لأجل مواجهة الصهاينة لا لقتل أبناء الوطن البررة، فإذا بالعسكر يستخدمونها لقتل الشعب وقهره وفرض وصايتهم وفسادهم عليه”.

ويشير البلتاجي مخاطبًا ابنته أسماء الى أنّه “لا السجان يرهبنا ولا القتل ولا الإعدام”، ويقول: “ابنتي أستاذتي وقرة عيني، عام مرّ هانت علينا الحياة فيه من بعدكم فما صار السجن ولا السجان يرهبنا ولا القتل ولا الإعدام يقلقنا فقد علمتومونا بدمائكم الزكية الطيّبة وأرواحكم الطاهرة المؤمنة كيف يكون الفداء وكيف تكون التضحية في سبيل الله إحقاقًا لقيم الحق والعدل والحرية”.

ولم يتسنّ معرفة كيف أو من أخرج الرسالة من “سجن العقرب” الذي يقبع فيه الدكتور محمد البلتاجي .

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.