رأيي في هذا المقال باختصار أنه: في ظاهره علماني، يرمي باللائمة على الفقه الإسلامي، وعلى السواد الأعظم من المسلمين، وهم أهل السنة والجماعة، عن طريق انتقاء
رأيي في هذا المقال باختصار أنه: في ظاهره علماني، يرمي باللائمة على الفقه الإسلامي، وعلى السواد الأعظم من المسلمين، وهم أهل السنة والجماعة، عن طريق انتقاء نصوص من هنا وهنا، ووقائع من هنا وهنا، مع مغالطات عقدية في تعريف الخوارج، والخلط بين مفهوم الخارجية التاريخي، المتمثل في القتل وسفك الدماء، ومفهومه العقدي؛ المتمثل في عقائد من استقر عليهم الاصطلاح من طوائف الأباضية والأزارقة والصفرية وأمثالهم، ممن قد لا يتلبسون بشيء من تلك الدماء، بل يعتبرونها فظاعات، كما جل العقلاء…
هذا من حيث ظاهر المقال، والذي يصب – أيضا – في إطار الحملة العلمانية في هدم المرتكزات الدينية، والمسلمات الفقهيية، وتفريغها من قداستها، والعودة بالتاريخ الثقافي والفقهي للأمة إلى نقطة الصفر، ولا يخفى ما في ذلك من طعن في ثوابت الأمة المتمثلة في عقيدة أهل السنة والجماعة الأشعرية، وفقهها المالكي، وتربيتها الجنيدية…
أما من حيث الباطن والمؤدى؛ فلا يخفى أن المقال يعد تبريرا واضحا لأفعال داعش الإجرامية، وتأصيلا لها من حيث عقيدة أهل السنة والجماعة، وتاريخ الإسلام، والفقه الإسلامي، وهي أعظم هدية يمكن أن يقدمها صاحب المقال لتلك العصابات الإجرامية، التي تنتقي من الدين أمورا خارجة عن سياقها ومكانتها، لموافقتها ميولا إجرامية لديها، واعتبار تلك الأفعال الإجرامية مؤصلة من طرف من لا يرى ذمة لأهل الذمة، أو لغيرهم من الطوائف غير الكتابية، فهو سذاجة كبيرة يتعامل بها مع الفقه الإسلامي الذي بنيت عليه الأمة الإسلامية إلى الآن…
وما أتي صاحب المقال إلا من حيث نشأته الوهابية التي تعتبر بأن شذوذات الحركة الوهابية منبثقة من مدرسة أهل الحديث والأثر، وعقيدة أهل السنة والجماعة، والواقع هو أن تلك الحركة كانت هجينة، قوبلت بالرفض من الأمة في حين ظهورها نفس الحال الذي تقابل به حركة داعش في العراق والشام، وأنها لا تمثل أهل السنة والجماعة، ولا أهل الحديث والأثر، لا على المستوى العقدي، ولا على المستوى الفقهي، فهي تنتقي تماما كما تفعله الحركة الداعشية الآن…
والسبب في ذلك، وهو الأمر الذي غفل عنه صاحب المقال: الجهل، أو الهوى. فالجهل بالدين الإسلامي، وبالفقه الإسلامي، الناتج عن رد فعل قوي من طرف مجموعة من الشباب ضعاف التكوين، ضد الجرائم التي يرتكبها الشيعة في العراق، أو الأمريكان والغرب والصهاينة في العديد من الدول الإسلامية، وسكوت الغالبية العظمى من المسلمين حكاما ومحكومين، تسبب في قيام مجموعة ممن لديهم غيرة، أو ممسوسين من ظلم ما مورس على الأمة في مختلف البقاع، فكون منهم قيادات، وعلماء، وقضاة بالرغم من عدم الكفاءة، وقاموا بتبرير أعمالهم العدوانية تبريرا دينيا يريح ضمائرهم، ويبرر مواقفهم…
هذا هو الأمر باختصار؛ أما أن نستثمر ما يقع من الجرائم من أجل مراجعة فقه الإسلام، وعقائد المسلمين، ولن تراجع، ولكن ستكون سببا في الطعن في تاريخنا وفقهنا وأعلامنا، ومفاهيمنا، هذا كله لن يكون سوى عدوانا على مقدسات الأمة، عدوانا من الداخل، وفي النهاية مبررا للتطرف والمتطرفين أن يتمادوا فيما هم عليهم، باعتبار أن جميع الأطراف المخالفة ضالة مضلة، ليست من الإسلام في شيء…
إن محاربة التطرف تكون بنشر العلم، العلم الصحيح، ونشر العدالة والمساواة، ونشر التدين الصحيح، وحماية الأمة ممن يطعن في مقدساتها ودينها جهارا نهارا، وإبعادها عن فقه دينها وقرآنها تقنينا وتشريعا، ونظام حياة، أما ما سوى ذلك من المقاربات فهي كمن يطبل في الماء، نسأل الله تعالى اللطف بنا وبالأمة جميعا…والسلام