يبرز الإعلام انطلاقا من رمزية المعرفية والمعنوية داخل المجتمع دورا كبيرا من خلال الحقائقالتاريخية والدلائل العلمية المادية الملموسة والحجج الدامغة،
يبرز الإعلام انطلاقا من رمزية المعرفية والمعنوية داخل المجتمع دورا كبيرا من خلال الحقائقالتاريخية والدلائل العلمية المادية الملموسة والحجج الدامغة، حيث يبقى أساسا في التأثير على الرأي العام الدولي أسوة بالأدوار الإستراتيجية التي يمكن أن تضطلــــــــــع بها كل مكونات المجتمع والنخب الثقافية والسياسية .
إن هذا يمكن أن يشكل نقطة قوة إضافية للدفاع عن حق المغرب في صحرائه، وهو تشبه الروابط الإنسانية والثقافية والاجتماعية التي جمعت بين أهل الصحراء المغربية وبين ملوك سلاطين المغرب.
مما لاشك فيه أنللإنسان عقلاً يسعى من خلاله إلى الكشف عن حقائق الأمور والإلمام بمختلف المظاهر. الأمر الذي دعاه إلى إيجاد وسيلة مثلى يشبع من خلالها فضوله ويشفي بها غليله . فكان لابد من ظهور ما يسمى بالآلة الإعلامية أو وسائل الإعلام بمختلف أشكالها وأصنافها، وفي إطار الثورة الإعلامية والتكنولوجيا للإعلام التي يشهدها العالم والتي قلبت كل الموازين ،أضحى الإعلام ركيزة أساسية في بناء الدولة بل بات يعتبر من مقومات ورموز السيادة الوطنية، بحيث صارت أول خطوة في إنجاح الإستيلاء على مقر التلفزة والإذاعة، مما يؤكد دور ومكانة وأهمية هذا الأخير والحديث عن أهمية الإعلام في بناء الدولة ليس إلا جزءا من موضوع كبير وشامل، لان “الإعلام أداة فاعلة ومنظومة متكاملة ” ، فلا بد من تفعيل أدائه لترسيخ بناء الدولة وترسيخ الثوابت الوطنية لديها ولدى مواطنيها .
ـ استراتيجية الإعلام الحربي لتحقيق الأمن الوطني للدولة :
يعتبر الإعلام بوسائله المتطورة، أقوى أدوات الاتصال العصرية التي تعين المواطن على معايشة العصر والتفاعل معه، كما أصبح للإعلام دور مهم في شرح القضايا وطرحها على الرأي العام من أجل تهيئته إعلاميا، وبصفة خاصة تجاه القضايا المعنية بالأمن الوطني، ويجئ القرن الحادي والعشرون حاملا معه عصراً جديداً، عصر التكنولوجيا فيه الكلمة الأولى للإعلام في ظل ثورة الاتصال والمعلومات، تلك الثورة التي لن تتوقف مع استمرار عملية الابتكار والتغيير، والتي قد أدت إلى إحداث تطور ضخم في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، وجعلت السماء مفتوحة تسبح فيها الأقمار الصناعية لتمتد رسالة الإعلام إلى إرجاء المعمورة، وليصبح العالم قرية الكترونية صغيرة، والواقع أن الإعلام في العصر الحديث، أصبح جزءاً من حياة الناس، كما أن بناء الدولة اقتصاديا، واجتماعيا، وسياسيا، يتطلب الاستعانة بمختلف وسائط ووسائل الإعلام، بل إن مشروعات التنمية لا يمكن إن تنجح إلا بمشاركة الشعوب وهو أمر لا يتحقق إلا بمساعدة الإعلام .
ـ ارتباط الإعلام بالأوضاع السياسية:
وترتبط السياسة الإعلامية بالأوضاع السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والاجتماعية، والحربية، بمعنى أن الإعلام يرتبط بقوى الدولة الشاملة ومن ثم فهو يعمل بطريقة غير مباشرة لتحقيق الأمن الوطني، من خلال التغطية الإعلامية ومن خلال الإسهام في بناء المواطن وتحصينه ضد أي غزو إعلامي أو فكري، كما يقوم الإعلام بدور مهم في تنمية الوعي السياسي لدى المواطنين واستيعابهم لما يدور على الساحة الداخلية، حيث يتناول القضايا الوطنية التي تؤثر في قدرات الدولة السياسية، من خلال الشرح والتحليل لهذه القضايا وتعريف المواطن بأسبابها وأسلوب التعامل معها.
فالإعلام الحربي مثلا كفرع متخصص له دور مهم في بناء الأمن الوطني للدولة وفي تخطيط إستراتيجيتها، له دور يقوم أساسا على التفاعل مع التحديات والتهديدات الموجهة للأمن الوطني، ومن اجل تأكيد إستراتيجية الدولة في مواجهة هذه التحديات، بل أصبح للإعلام الحربي دور مؤثر في مواجهة مشاكل وقضايا المجتمع من خلال الإسهام في مناقشة هذه القضايا وإيجاد الحلول المناسبة لها، بل وله رسالة مهمة في مواجهة الغزو الفكري والثقافي المعادي الذي يستهدف النيل من الوحدة الوطنية ويبرز دور الإعلام الحربي بشكل واضح، وقت الحرب، من اجل مواجهة الدعاية المضادة والحرب النفسية .
ـ مواجهة الإعلام لتحديات الاحترافية والأخلاق:
يواجه الإعلام تحديات الاحترافية والمهنية والأخلاق والقيادة والتخطيط الاستراتيجي والدراسات والبحوث، وهذا يعني أنه يجب التركيز على التكوين الأكاديمي الفعال والمنهجي وكذلك التعليم المستمر والتنسيق ما بين جهات التكوين والتدريب والمنظمات والمؤسسات المختلفة للاستجابة لاحتياجات ومتطلبات سوق العمل.
ويعد الإعلام حجر الزاوية في تهيئة الأجواء اللازمة والضرورية لحركة التنمية الشاملة في المجتمع حيث أنه يعمل على توفير البيانات والمعلومات للعامة والمتخصصين وما يتعلق بحركة الاستثمار، والمجالات الاقتصادية المختلفة، والقوانين، وإجراءات إنهاء المعاملات، وأخبار الأسهم والبورصات وأسعار صرف العملات… الخ.
كما يعّرف الإعلام بالحركة الاقتصادية في الدولة والعالم، ومن أهم وظائفه الاقتصادية نشر الوعي والثقافة الاقتصادية في المجتمع كالتعريف بالقوانين والتشريعات والإجراءات التنظيمية حتى يستطيع الفرد أن يعرف حقوقه وواجباته، من هنا يأتي الدور الاستراتيجي للإعلام الاقتصادي في التنمية الشاملة وربط رجال الأعمال والاقتصاد والمؤسسات ببعضها البعض وبالمستهلكين والمتفاعلين مع حركة التنمية في المجتمع.
إن الإعلام لم يعد ترفا أو شيئاً كمالياً بل أصبح واقعاً وضرورة لا يمكن للناس أن تستغني عنه”.. ويرى الدكتور “حامد طاهر” نائب رئيس جامعة القاهرة أنه لكي يسهم الإعلام العربي في بناء وحماية العقل العربي فلا بد من الجمع بين الأصالة والمعاصرة، معتبرا أن حدوث التوازن بينهما سيحرس العقل العربي ويحميه.
إذن لابد من أخذ دور السلطة الرابعة في الحسبان في بناء الدولة وتطوير المجتمع، وان المتتبع لمجريات الأمور والأحداث بمختلف صنوفها وأنواعها في العالم يعرف جيداً في النهاية أن كل ذلك لم يتأت إلا بعمل كبير وجهد دؤوب يتجسد في ترسانة إعلامية ضخمة من تلفزة وإذاعة وصحف بين يومية وأسبوعية وشهرية .
تؤدي وسائل الإعلام دورا استراتيجيا في التنمية المستدامة بمختلف مجالاتها وقطاعاتها ومحوريا في حياة الفرد والأسرة والمنظمة والمجتمع، وفي بناء الدول والحضارات والمجتمعات، وهي بذلك تسهم في التنشئة الاجتماعية وفي تشكيل الرأي العام والذاكرة الجماعية للمجتمع.
الإعلام والحوار:
فيما خرجت الدكتورة ثريا البدوي -مدرسة العلاقات العامة والإعلان- في جمهورية مصر العربية في دراسة لها عن “الإعلام وحوار الثقافات في مصر”، في أن الأداء الإعلامي المرتبط بالأحداث التي تمس الحوار مع الآخر -الداخلي أو الإقليمي أو الدولي- لا يفعل الحوار بين الثقافات في المجتمع المصري، إذ يرتبط بالتوجهات الأيديولوجية للمفكرين والمثقفين، وكذلك بالصورة المختزنة لديهم عن الآخر.
الإعلام والسلم الأهلي
ويؤدي الإعلام دوراً بارزاً في تعزيز السلم الأهلي في المجتمعات حيث يساهم مساهمة فعالة في إرساء دعائم الأمن والاستقرار في أي بلد من البلدان من خلال الأفكار والرؤى التي يتم تناولها وطرحها في وسائل الاعلام.
دور الإعلام في التفاوض:
يلعب الإعلام دوراً مهما في عملية التفاوض ويمكن تحديد هذا الدور في النقاط التالية: الإعلام كمصدر للمعلومات: فقد أكدت البحوث الميدانية أن الإعلام هو المصدر الأساسي للقادة السياسيين والدبلوماسيين وكل من لهم صلة بالعملية السياسية في المجتمع، ويقدم الإعلام رؤية أولية للأطراف المشاركة في عملية التفاوض.
الإعلام كأداة: يعد الإعلام أداة من أدوات خلق رأي مساند أو معارض للقضية محل التفاوض أو لطرف من أطراف التفاوض، حيث يلعب دوراً مهما في مجال خلق رأي عام مساند أو معارض لقضية يدور حولها التفاوض وخلق اتجاهات معارضه أو مؤيدة للقضية محل التفاوض أو لأحد أطراف التفاوض.
الإعلام أداة للتفاوض: يمكن استخدام الإعلام كأداة من أدوات التفاوض بأحد الصور التالية:
الصورة الأولى: استخدامه كأداة من أدوات الضغط:
1. ويتم ذلك من خلال تسريب بعض الأخبار والمعلومات التي يود أحد الأطراف أو لا يرغب في نشرها قبل التوصل إلى الاتفاق النهائي.
2. من خلال تقديم أخبار كاذبة تمثل إحراجاً لأحد الأطراف المعنية في عملية التفاوض.
3. تسريب أخبار عن التوصل إلى نتائج قبل نهاية التفاوض.
الصورة الثانية: استخدام الإعلام كأداة لفرض موقف معين على أحد الأطراف وذلك من خلال دفعه إلى تبني موقف سياسي معين.
الصورة الثالثة: استخدام الإعلام كأداة من أدوات التلاعب بالمواقف وذلك من خلال تجاهل هذه الحقائق وطرح آراء ومعلومات وأفكار جديدة.
كما هناك إستراتيجية يعتمد عليها التفاوض الدولي عند التعامل مع الإعلام أثناء الأحداث، ونكتفي هنا بذكرها كمفاهيم دون التعرض لتفاصيلها ، وهي:
1. إستراتيجية تجاهل الإعلام.
2. إستراتيجية الاهتمام بالإعلام.
3. إستراتيجية التعتيم الإعلامي والضغط على الإعلاميين.
الإعلام والسياسة الخارجية:
تحاول الدول من خلال وسائل الإعلام الدولية وكافة وسائل الإعلام المتاحة والملائمة التأثير على الرأي العام الأجنبي لكسب تأييده لقضاياها وتبحث الدبلوماسية النشطة عن التأييد غالباً خارج الحدود القومية وبهذا يرتبط الإعلام بالدبلوماسية جيداً.
ولعل التطور المستمر للمكاتب الإعلامية للدول المختلفة في الخارج يظهر بشكل جلي أهمية الإعلام والدعاية السياسية والتسويق السياسي على حد سواء في خدمة سياسات الدول الخارجية وخدمة أهدافها الدبلوماسية، استخدام الشباب في بلاده لوسائل الإعلام، في مجال الوعي الصحي إلى أن أهم الوسائل الإعلامية التي يستخدمها الشباب مصدرًا للثقافة والمعلومات الصحية هو التليفزيون ثم الصحف اليومية ثم الإنترنت.
ولأننا ندرك جيدا حجم المسوؤلية الملقاة على عاتق الإعلام باعتباره يعبر عن أمال وتطلعات أي شعب ، كما وانه وسيلة من وسائل الكفاح وذراع من أذرع النضال ، فان الإعلام الحر والنزيه تكون الحقيقة غايته والموضوعية أسلوبه في الأداء. ولما كان الإعلام بهذه الأهمية فلابد أيضا للحكومات من مراجعة كاملة وإصلاح شامل لهذا القطاع من خلال رسم إستراتيجية إعلامية تأخذ في الحسبان تطوير المحتوى والمادة الإعلامية، وإدخال وسائل إعلامية حديثة , وكذلك مراعاة التغييرات والمستجدات الإقليمية والدولية وإطلاق العنان لحرية التعبير والصحافة .
ويبقى هذا مرهونا بتوفر الإرادة السياسية الحقيقية لأية حكومة ، حيث حينها يمكن الحديث عن إعلام في مستوى التحديات ويرقى إلى تطلعات وحاجيات المرحلة ، وعلى أية حال فإننا في زمن لا يرحم والبقاء فيه للحجة والبرهان وقوة الإقناع أي انتهاج أسلوب الملموس والمحسوس ومن لم يسلك هذا السبيل فذهابه أدراج الرياح حتمية لامناص منها.
وتؤدي الكلمة دوراً مهماً في بناء المجتمع وان توظيفها بالشكل الذي يريده الكاتب قد يؤثر سلباً أو إيجابا في ذلك حسب عملية التوظيف تلك. وفي ذلك يقول وزير الإعلام اليمني حسن احمد اللوزي – ليس هناك ما هو أشد وطأة على الفكر والثقافة والإعلام وعلى الحياة الاجتماعية بشكلٍ عام من سوء توظيف الكلمة حين تستخدم في الهدم للبناء ،وفي تصوير الحياة على غير حقيقتها ،وفي تحميلها معاني ومدلولاتٍ متناقضة مع الشواهد القائمة والمعاشة في حياة الإنسان فرداً كان أو مجتمعاً أو دولة.. هذا الانحياز إلى الخراب.. والتخريب في الكتابات الشوهاء يضر بالقيم العليا السامية أكثر من إضرار الأفعال المادية التي تقوم بها الجوارح أو تمارسها الوظائف وتكون خارجة عن النظام والقانون لأنها سهلة المواجهة من الدولة وداخل المجتمع حيث تكون الإرادة قوية وكل الأدوات والوسائل القانونية واضحة وكلها قادرة على التصدي لكل الأعمال الشريرة والأفعال المجافية للحق والتصرفات الخارجة عن القانون، غير أنه بالنسبة للكلمة ولارتباطها بجوهر نبض الحرية بالنسبة للإنسان والمجتمع تكون المواجهة مشوبة بالحذر خشية المساس بحرية التعبير
لقد برزت وسائل الإعلام الحرة حول العالم كإحدى أهم قوى النضال من أجل تحويل الأنظمة المنغلقة على نفسها والقمعيّة إلى مجتمعات منفتحة ومنتجة. يجري هذا التحول باتجاه الديمقراطية والأسواق الحرة بشكل جدي عبر العالم، وعلى الأخص منذ نهاية الحرب الباردة.
و تؤدي وسائل الإعلام المستقلة دورين أساسيين: دور “الرقيب الحارس” على الحكومات، ودور توعية الناس حول القضايا التي تؤثر في حياتهم.
وكان الإعلام من الأمور المهمة للدعوة والدولة الإسلامية، فهو ليس مصلحةً من مصالح الناس تتبع إدارة مصالح الناس، بل إن موقعها مرتبط مباشرةً مع الخليفة كجهاز مستقل، شأنه شأن أي جهاز آخر من أجهزة الدولة.
إن وجود سياسة إعلامية متميزة تعرض الإسلام عرضاً قوياً مؤثراً، من شأنه أن يحرِّك عقول الناس للإقبال على الإسلام ودراسته والتفكر فيه، وكذلك يسهِّل ضم البلاد الإسلامية لدولة الخـلافة. هذا فضلاً عن أن كثيراً من أمور الإعلام مرتبط بالدولة ارتباطاً وثيقاً، ولا يجوز نشره دون أمر الخليفة. ويتضح ذلك في كل ما يتعلق بالأمور العسكرية، وما يلحق بها، كتحركات الجيوش، وأخبار النصر أو الهزيمة، والصناعات العسكرية. وهذا الضرب من الأخبار يجب ربطه بالإمام مباشرة ليقرر ما يجب كتمانه، وما يجب بثه وإعلانه.
وتبرز أهمية الإعلام في الحكم الإسلامي كما جاء ذلك في الكتاب والسنة .
أما الكتاب فقوله تعالى:{وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}[083:004]. وموضوع الآية الأخبار.
وأما السنة فحديث ابن عباس في فتح مكة عند الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي وفيه: «وقد عميت الأخبار على قريش، فلا يأتيهم خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يدرون ما هو صانع». ومرسل أبي سلمة عند ابن أبي شيبة وفيه: «ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: جهزيني ولا تعلمي بذلك أحداً، … ثم أمر بالطرق فحبست، فعمى على أهل مكة لا يأتيهم خبر». وحديث كعب المتفق عليه في غزوة العسرة وفيه: «ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يريد غزوة إلا ورّى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حرّ شديد، واستقبل سفراً بعيداً ومفازاً وعدواً كثيراً، فجلّى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم، فأخبرهم بوجهه الذي يريد». وحديث أنس عند البخاري «أن النبي صلى الله عليه وسلم، نعى زيداً وجعفراً وابن رواحة قبل أن يأتيهم خبرهم فقال: أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان حتى أخذها سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم».
ومما يلحق بالأخبار العسكرية أخبار المفاوضات والموادعات والمناظرات التي تجري بين الخليفة أو من يستنيبه وممثلي دول الكفر. ومن أمثلة المفاوضات ما جرى بينه صلى الله عليه وسلم، وبين مندوبي قريش في الحديبية، حتى استقر الاتفاق على بنود الصلح. ومن المناظرات المباشرة مناظرته صلى الله عليه وسلم، لوفد نجران والدعوة إلى المباهلة. ومناظرة ثابت بن قيس وحسان لوفد تميم بناء على أمره صلى الله عليه وسلم، ، وغيرها. وكل هذا كان علنياً ولم يكن منه بند سري.
وإنه وإن كانت الأنواع الأخرى من الأخبار ليست ذات مساس مباشر بالدولة، وليست مما يتطلب رأي الخليفة المباشر بها، مثل الأخبار اليومية، والبرامج السياسية والثقافية والعلمية، والحوادث العالمية، إلا أنها تتداخل مع وجهة النظر في الحياة في بعض أجزائها، ومع نظرة الدولة للعلاقات الدولية؛ ومع ذلك فإن إشراف الدولة عليها يختلف عن النوع الأول من الأخبار.
وعليه فإن جهاز الإعلام يجب أن يحوي دائرتين رئيسيتين:
الأولى: عملها في الأخبار ذات المساس بالدولة، كالأمور العسكرية والصناعة الحربية، والعلاقات الدولية الخ.
ويكون عمل هذه الدائرة المراقبة المباشرة لمثل هذه الأخبار، فلا تذاع في وسائل إعلام الدولة أو الخاصة إلا بعد عرضها على جهاز الإعلام.
والثانية: مختصة بالأخبار الأخرى، وتكون مراقبتها لها غير مباشرة، ولا تحتاج وسائل إعلام الدولة، أو وسائل الإعلام الخاصة، أي إذن في عرضها.
ترخيص وسائل الإعلام:
لا تحتاج وسائل الإعلام إلى ترخيص، بل لكل من يحمل تابعية الدولة الإسلامية أن ينشئ أية وسيلة إعلام: مقروءة أو مسموعة أو مرئية. ولا يحتاج إلا إلى (علم وخبر) يعلم جهاز الإعلام عن وسيلة الإعلام التي أنشأها.
وهو يحتاج، إلى إذن في نشر الأخبار ذات المساس بالدولة التي ذكرناها سابقاً. وأما الأخبار الأخرى فينشرها دون إذن مسبق بها.
وفي جميع الحالات يكون صاحب وسيلة الإعلام مسؤولاً عن كل مادة إعلامية ينشرها، ويحاسب على أية مخالفة شرعية كأي فرد من أفراد الرعية.
تحتل وسائل الإعلام في كل الأوقات مكانة متميزة انطلاقا من طبيعة وظائفها وتأثيرها على الإنسان (كفرد أو مجتمع أو كدولة )، حيث أصبحت دول العالم المتطورة في عصرنا الحاضر تعتمد على ثلاث أركان رئيسة في بنائها إلا وهي (السياسة والاقتصاد والإعلام) ومما ضاعف تأثير وسائل الإعلام على بناء شخصية الإنسان هو تداخل وظائفها مع جميع طبقات المجتمع لما تقدمه من معلومات عبر مساحات كبيرة وعلى مدار الساعة من خلال مختلف وسائلها سواء إن كانت مسموعة كالراديو أو مقروءة كالصحف والمجلات أو مرئية كالقنوات الفضائية.
وتسهم هذه الوسائل في بناء القناعات والاتجاهات والمعتقدات عند الفرد وكذلك التأثير على التنشئة الاجتماعية التي تؤثر بدورها على بناء الإنسان الفكري والاجتماعي والنفسي. وتختلف وسائل الإعلام من حيث تأثيرها على الإنسان فهي إما أن تكون بطريقة مباشرة من خلال برامج ذات اتجاهات واضحة يفهمها المتلقي كما هو موجود في برامج الإذاعات الدينية أو يكون تأثيرها بطريقة تراكمية عبر الامتداد الزمني الذي يسهم بدوره برسم صورة عن الأشياء والأشخاص من حولنا وكذلك التأثير في اتجاهاتنا وسلوكنا حيال الواقع المحيط بنا.
إرسال تعليق