زعمت الخبيرة الصهيونية في الحركات الإسلامية والأستاذة المشاركة في كلية الشؤون العامة والدولية بجامعة جورجيا في أثينا “ليهي بن شطريت” أنّ هناك ما وصفته
زعمت الخبيرة الصهيونية في الحركات الإسلامية والأستاذة المشاركة في كلية الشؤون العامة والدولية بجامعة جورجيا في أثينا “ليهي بن شطريت” أنّ هناك ما وصفته بـ”التهديد الجهادي في الضفة الغربية”، لأنه إذا استمرّت الظروف السياسية والاقتصادية الراهنة في الضفة، قد يكبر التهديد السلفي الجهادي، ويشكّل تحدّياً حقيقياً. واستعانت “بن شطريت” في دراساتها بتكرار ما ورد على ألسنة العديد من المسؤولين في المؤسسة الأمنية الصهيونية، أن “الجهادية العالمية” على الحدود تهديدٌ جديد قد يتقدّم على المسألة النووية الإيرانية ليتحوّل التهديد الأمني الأول لـ”إسرائيل”. وأضافت أنّ “الجهادية العالمية” قد تكون الظاهرة الأكثر إثارة للقلق التي ستضطرّ “إسرائيل” لمواجهتها في المستقبل القريب، مع تراكم الأمثلة عن تحرّكات يقوم بها جهاديون في الضفة على نطاق فردي، وإعلان “الشاباك” استهداف خلايا جهادية على صلة بتنظيم “القاعدة” في شمال الضفة الغربية وحتى داخل “إسرائيل“، لافتةً إلى أنّه من شأن الإشارات المتزايدة “للجهادية العالمية” في تصاريح المتحدّثين باسم الأجهزة الأمنية، وممارسة تنظيم “القاعدة” بعض التأثير في الضفة، أن يخدم مصالح “إسرائيل” في مفاوضاتها مع السلطة الفلسطينية.
وأوضحت أن هذه التهديدات يمكن أن تضفي بعض المصداقية على اتّهام السلطة بالعجز عن توفير ضمانات أمنية إذا انسحبت “إسرائيل” من الضفة، لكن إذا استمرّت الظروف السياسية والاقتصادية الحالية في الضفة الغربية، قد يكبر الكابوس السلفي-الجهادي ويتحوّل تحدّياً حقيقياً، بسبب توسُّع النشاط الجهادي الفردي على المستوى المحلي بدفع من تزايد الإحباطات أكثر منه بسبب تسلّل المقاتلين من سوريا أو سيناء للضفة، أو قيامهم بإنشاء شبكات فاعلة ومنسَّقة. واعتبرت “بن شطريت” أنّه في ظل الركود السياسي الحالي والانقسام في الضفة، قد يحاول أفراد مستاؤون التنفيس عن غضبهم من خلال تنظيم صفوف المقاتلين على المستوى المحلي، أو عبر بناء روابط مع مجموعات جهادية تعمل في البلدان المجاورة. وأوردت عن أوساط من جهاز “الشاباك” نماذج متعددة لتلك المجموعات الجهادية، ومنها: مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس، جيش الإسلام، جيش الأمة، جماعة التوحيد والجهاد، أنصار الله. وتدعي جميعها في بياناتها العامة وخطابها عبر الإنترنت أنها مرتبطة بتنظيم “القاعدة”، وأن أهدافها الأساسية تتمثّل في تحرير فلسطين، والثأر من الهجمات الصهيونية على الفلسطينيين، وتحصر عادةً نشاطها في شمال سيناء وقطاع غزة؛ ويقوم هذا النشاط على إطلاق الصواريخ وشنّ عمليات على طول الحدود المصريّة.
كما أعلنت أنها تسعى الآن لتوسيع نطاق عملياتها نحو الضفة، وهذا لا يعني أنها ستتمكّن من إرسال عناصر إليها، أو إنشاء شبكات واسعة فيها، نظراً لأن “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية تحتفظان لحد كبير بسيطرة أمنية مُحكَمة هناك، لكن قد يتعاطف البعض في الضفة مع هذه التنظيمات، وينسّقون معها لشنّ هجمات محدودة النطاق بطريقة فردية ومعزولة.
الفراغ التنظيمي
وأشارت إلى أنّ هناك عوامل عدّة ربما ساهمت في دفع الأفراد نحو دعم المبادرات الجهاديّة محلية الطابع في الضفة، ومنها قرار حركة حماس المشاركة في الانتخابات عام 2006، فقد خسرت بقرارها هذا، عدداً من الأعضاء الذين اعترضوا على المشاركة السياسية والعملية الديمقراطية كأداة أساسية للتغيير، مما أدّى لتجميد عضوية العديد منهم، وحتى طردهم من الحركة. كما أن التنافس في الإنتخابات مع “فتح”، دفع حماس لأن توقف إلى حد كبير عملياتها العسكرية داخل “إسرائيل”، ووافقت في المبدأ على إنشاء دولة فلسطينية داخل حدود 1967. ولفتت “بن شطريت” إلى أنّ هذا التغيير في الإستراتيجية قد أثار سخط شريحة واسعة من أبناء الحركة الذين ظلّوا متمسّكين بالمقاومة العنيفة، ولذلك ليس مفاجئاً أن بعض الفلسطينيين الذين قضوا في عمليات سابقة للجيش الصهيوني، كانوا أعضاء سابقين في كتائب القسام، وتمّ تعليق عضويتهم في التنظيم بسبب اعتراضهم على المقاربة الديمقراطية الجديدة التي انتهجتها حماس، والتي اعتبروا أنها تشكّل انتهاكاً للشريعة. وقالت “شطريت” إنّ أحدث استهداف حركة “فتح” لحركة حماس في الضفة فراغاً تنظيمياً في صفوف المعارضة، فبعدما أدّى النزاع بين “فتح” وحماس عام 2007 لتعليق العملية الديمقراطية، وسيطرة حماس على غزة، اعتمدت السلطة العديد من الإجراءات الأمنية لكبح وجود حماس السياسي والعسكري في الضفة، وعمدت لحظر معظم الأنشطة الاجتماعية والسياسية والعسكرية للحركة في مناطقها. وهكذا دفع غياب حماس على المستوى التنظيمي، بأعضائها في الضفة للبحث عن ناشطين دينيين يفكّرون بالطريقة نفسها من خلال قنوات أخرى بغية الاستمرار في تنظيم أنفسهم على المستوى العسكري، وقد أوقفت السلطة 20 سلفياً بتهمة الضلوع في نشاط جهادي، وكان معظمهم أعضاء سابقين في حماس. وأضافت أنّ السلطة نجحت نسبياً في تفكيك البنية التحتية العسكرية لحماس في الضفة، إلا أنها أخفقت في تقديم نموذج مقنع في الحكم أو بديل سياسي، فقد تدهورت الظروف الاجتماعية والاقتصادية في الأعوام الماضية، ما شكّل عاملاً إضافياً ساهم في توليد بيئة حاضنة للتطرّف، كما أن مفاوضات السلام التي روّجت لها حركة “فتح” بأنها الخيار الاستراتيجي المناسب، فشلت في تعزيز شرعية السلطة لدى الرأي العام، كما أن العمليات الأمنية التي تشنّها “إسرائيل” في الضفة دون رادع، وحملات الاعتقال، ومصادرتها للأراضي، ومشاريع “التهويد” التي تنفّذها في القدس، تشكّل عاملاً إضافياً يتسبّب بصعود الميول الجهادية في الضفة.
وأوضحت “شطريت” أنه يصعب تحديد النطاق الذي يمكن أن تبلغه الأشكال الجديدة من المعارضة العنفية للسلطة و”إسرائيل” في الضفة، والتي ترتسم حول خطوط سلفية جهادية جديدة، فقد واجهت السلطة إخفاقات في الحكم في السابق، إلا أن أجهزتها الأمنية، فضلاً عن “إسرائيل”، حالا دون أن تتكرّر في الضفة حالة الهشاشة والفوضى التي تشهدها أماكن مثل سوريا وسيناء. لكن عدم وجود قنوات حيوية للمعارضة الديمقراطية تفسح في المجال أمام ظهور معارضة غير عنفية في الضفة، يؤجّج حالياً الإحباطات لدى السكّان، ويدفع بعض الأفراد والمجموعات المحلية للتحوّل نحو التطرف.