من العبث أن نظنّ أنَّ حلَّ مشكلة الصحراء الغربيةسيأخذ عامًا أو عامين، أو أنْ نظن أن الاقتراحات التي سنقدمها ستكون مقبولة من كلّالأطراف، فنحن نعلم أن
من العبث أن نظنّ أنَّ حلَّ مشكلة الصحراء الغربيةسيأخذ عامًا أو عامين، أو أنْ نظن أن الاقتراحات التي سنقدمها ستكون مقبولة من كلّالأطراف، فنحن نعلم أن المشكلة بالغة التعقيد، وذلك كما فصَّلنا في المقاليْنالسابقين“المغرب ومشكلة الصحراءالغربية“، و“الصحراء الغربية.. المغرب أمالبوليساريو“. ولقد زاد من درجة تعقيدها الأخطاءُالمركَّبة التي وقع فيها كل الأطراف المشتركة في القضية..
المغرب يلجأ إلى مجلس الأمنأخطاء المغرب
فالمغرب أخطأ– أولاً– في أنه لم يأخذ الحلّ العسكري، أو على الأقل يؤيده بقوَّة منذ تحررسنة 1956م وإلى سنة 1975م لكي يحرر الصحراء الغربية من الأسبان.. إنه أراد ألاّيدخلَ في مشاكل جديدة، وترك الأمر للصحراويين الذين عانوا كثيرًا في مقاومةالأسبان، حتى إذا خرج الأسبان شعر الصحراويون أن الأرض أرضهم دون شريك؛ لأنّ غيرهملم يدافع عنها معهم.
وثانيًا: لجأ المغربُ إلى كيان كلُّنا يعلمعدم نزاهته وهو الأمم المتحدة، ولجأ إلى كيان أقلَّ نزاهة بصورة أكبر وهو أمريكا،وهذه الكيانات لا تبحث عن مصالح الدول الضعيفة، إنما تسخِّر إمكانياتها لخدمةالأقوياء، ولو كان بالظلم والقهر.
وثالثًا: إنالمغرب قد عانى منغياب الرؤيةفي أكثر من موقف، فنحن نراه يطالب بالصحراءالغربية كلها ثم لا يمانع في سنة 1976م أن يجلس مع موريتانيا ليقسِّمها معها! ونجده يطالب بتندوف في الجزائر، ثم يغلق الملفّ في صمت، ونجده يجلس مع البوليساريوسنوات طويلة دون حلول مقنعة تُنهِى المشكلة، إنما الوضع كله مجرَّد تسكين للآلامدون علاج.
خطأالبوليساريو
أما البوليساريو فقد أخطئوا بحمل السلاحِ ضدَّإخوانهم وأشقائهم من أهل المغرب وموريتانيا، وكان من الأَوْلى أن يجلسوا مع إخوانهممجلسالشرفاء المجاهدينالذين يسعون إلى خير البلد بعد رحيل الأعداء عنها،لكنهم
أرض تندوف
نظروا إلى الأمور نظرة مصلحِيَّة بحتة، خاصة أنالتوجُّهَ الماركسي الذي ينتهجونه لا ينظر إلا إلى المادة والمصلحةفقط.
والجزائر كذلك أخطأت بدخولها في الصراع إلى جانبالبوليساريو، إضافةً إلى استقبال جمهوريتهم الوهميَّة في داخل أرضتندوفالمغربية الأصل الجزائرية السيطرة، وليس خافيًا أن الجزائر لم تدخل في هذا الصراعنصرةً للمظلومين أو دفاعًا عن الحقوق؛ إنما دخلت لتُضعف المغرب، وذلك لتحقق توازنًاسياسيًّا في المنطقة. كما أن الجزائر كانت تنتمي إلى المعسكر الروسي، والمغرب تنتميإلى المعسكر الأمريكي، وحتى بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وانتهاء ما كان يُعرفبالحرب الباردة، فإنّ هذه الحرب الباردة – وأحيانًا الساخنة – ما زالت مستمرة فيعقر دارنا!
إمكانات اقتصاديةكبيرة
والجميع أخطأ بإدخال العناصر الاستعمارية التي كانتالسبب الأصلي للمشكلة في حلبة الصراع، فالكل الآن يُدلي برأيه، ويتقدم بمشروعه،ويعرض وساطته، وهذه في الحقيقة وقاحة من الدول الغربية، وحماقة من الدول العربية،والضحية هم المغاربة والصحراويون على السواء.
ويزيد الأمرتعقيدًاالإمكانيات الاقتصادية الهائلة للصحراء الغربية، والتي تجعل لعابالجميع يسيل للسيطرة عليها.. وبدلاً من أن تكون هذه الإمكانيات مصدر سعادة لأهلالمغرب وعموم المسلمين، صارت سببًا في شقاء الأشقاء!
والصحراء الغربية تعدّ من الكنوز الحقيقية في الأمة الإسلامية؛ فهي تنتحبمفردها 35% من إنتاج المغرب من الفوسفات (المغرب ثالث دولة في العالم في إنتاجالفوسفات)، واحتياطي الفوسفات في الصحراء الغربية يمثِّل 28.5% من احتياطي العالم،وبالصحراء الغربية أكبر منجم فوسفات في العالم، وهو منجمبوكراعالذي ينتجبمفرده 9% من إنتاج العالم! وكان دخل المغرب من فوسفات الصحراء الغربية في العامالماضي يفوق 660 مليون دولار.
كما أن الصحراء الغربية تحتويعلى احتياطي حديد يقدر بـ4.6 مليار طن، وبها رواسب كثيرة من خامات النحاس، بل تحتويعلى الذهب في منطقة “وادي الذهب”، وبها أيضًا كميات كبيرة من الأحجار الكريمةوخاصةً الزُّمرُّد والياقوت، وكذلك تحتوي على مناجم مهمَّة من الملح الحجري سهلالاستخراج، وفوق كل ما سبق فإنّ أرض الصحراء الغربية بها احتياطيات كبيرة واعدة منالبترول والغاز والفحم الحجري؛ مما يجعلها من مخازن الطاقة البِكر التي لم تمسَّبعدُ. أما الثروة السمكية فأكثر مما نتخيل؛ فالصحراء الغربية تشرف على أغنى حوضسمكي في إفريقيا تقدَّر مساحته بـ150 ألف كم مربع، وله القدرة على إنتاج مليونَيْطن من الأسماك سنويًّا!!
إنها ثروة هائلة يمكن أن تجلبالخير للعقلاء، وهي – في ذات الوقت – مصدر صراع ونزاع وشقاق للحمقىوالأغبياء!!
والآن.. أين الحق في هذهالقضية؟!
الصحراء الغربيةمغربية
ومن الذي يملك هذه الأرض؟ ومن الذي ينبغي أنيحكمها؟!
إن الرأي الذي أراه حقًّا في هذه القضية، والذيأتمنى ألاّ يُغضب أحدًا من الأطراف، هو أنالصحراء الغربية أرض مغربية مائةبالمائة، وأنه لا يجوز أصلاً إجراء استفتاء تحديد المصير بين أهلها، معأننا نلوم المغرب على تركه للقضية في سنة 1956م إلى سنة 1975م، ومع أننا نقدِّرالجهد المشرِّف الذي قام به المغاربة الصحراويون في إخراج الأسبان، إلا أن هذا لايُلغي مغربية الأرض، وهو أمر غير مقبول عقلاً ولا عُرفًا، وإلاّ أصبح الطريقمفتوحًا لكل مدينة قاومت الاستعمار أن تطالب باستقلالها عن الكيان الأم، وغدًا نسمععن دولة الرباط ودولة الدار البيضاء ودولة فاس، وهكذا!! وهذه الفكرة الخبيثةصدَّرتها لنا الأممُ المتحدة لتساهم بشكل كبير في تفتيت العالم الإسلامي، فهي تعلمأن أهل الصحراء إنْ أدلوا بأصواتهم فإنهم سيطلبون الاستقلال عن المغرب؛ لأنهميريدون السيطرة على كل هذه المقدَّرات دون شريك، كما أنهم يتصرفون بعاطفتهم دونالنظر إلى عواقب الأمور.
راجعوا أنفسكم ياإخواني..
إنَّ أهل الصحراء الغربية يبلغون من العدد 373 ألفافي سنة 2005م، فهل يكفي هذا العدد لإقامة دولة قوية، بجيش عظيم يحمي كلَّ هذهالثروات، أم أننا سنفاجأ بعد أيام قليلة بقدوم الأسطول الإسباني أو الفرنسي أوالأمريكي للسيطرة على الأمور بأي حُجَّة، ولو كانت البحث عن أسلحة الدمارالشامل؟!
أليس من الأولى والأحكم أن يعود هذا الجزء إلىالكيان، وأن يتوحَّد المتفرِّقون، وأن يُصبح الجميع مغاربة دون النظر إلى اعتباراتالجغرافيا والعرق والنسب؟!
ومن هذا المنطلق أيضًا ففكرةتقسيم الصحراء الغربية فكرة فاشلة؛ لأنها تزيد من تفتيت المنطقة وإضعافها، كذلكفإنّ فكرة الحكم الذاتي لا تعني إلا ترحيل المشكلة عدة سنوات حتى تنفجر من جديد فيظروف أخرى.
الحلولالعشر
إن الشرع والعقل والعُرف والقانون والتاريخ يشهدبأنّ هذه الأرض مغربية، ومع ذلك فنحن نعلم أن آليات تطبيق هذا الأمر صعبة، وأنتنفيذ هذا الحكم عسير، ومن هنا فأنا أعرضُ في هذا المقال عشرة أمور أحسبُ أنتطبيقها ييسِّر من عملية ردِّ الأوضاع إلى نصابها الصحيح، وأسأل اللهU أن يُلهِمولاة الأمور رُشدهم.
أولاً: لا بُدَّ من بثالروح الإسلامية الأصيلة في المجتمع المغربي بكامله، وليس في أهل الصحراء الغربيةفقط؛ لأنّ الإسلام هو العامل الوحيد الذي يجمع الشتات، ويؤلِّف بين قلوب المتخاصمينوالأعداء، وليس هذا كلامًا نظريًّا، بل وجدنا تطبيقه في كل بقاع الأمّة الإسلامية،ووجدناه أيضًا في تاريخ المنطقة، وما توحَّدت هذه المنطقة في زمن المرابطين أوالموحِّدين إلا بالإسلام. ومن هنا كان واجب التوعية الدينية، ونشر الدعاة والعلماء،وفتح المجال الواسع لهم في وسائل الإعلام.. كان كل ذلك داعيًا إلى تهدئة الصراع بينالأطراف.
وأنا أعلم أن الحكومة المغربية متخوِّفة منالإسلام السياسي، وتجعله من الخطوط الحمراء التي لا ينبغي تجاوزها، لكنني – والله– أطمئنهم مخلصًا أن العزة في الإسلام، والمجدَ والشرف في اتّباع الشريعة، ويا ليتقومي يعلمون! ولقد دانت الدنيا لأسلافنا عندما تمسكوا بهذا الدين، أما الذين أعرضواعنه فإنهم يعيشون حياةَ الضنك، ولو كانوا ملوكًا أو سلاطين!
ثانيًا:نريد من العلماء الأجِلاَّء في المغرب والجزائروموريتانيا أن يكتبوا لنا قصة هذه المنطقة بكل تفصيلاتها، وليس من الناحيةالتاريخية فقط، بل أيضًا من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنيةوالدينية. إننا تنقصنا المعلومة، فنجد أنفسنا مكبَّلِين بجهلنا، فإذا عرفنا انفتحتأمامنا سُبل الهداية والتوفيق، ثم على هؤلاء العلماء الأجلاَّء أن يخرجوا لنا هذاالعلم إلى النور، فلا يظل حبيس الأرفف في المكتبات الأكاديمية، أو في المحافلالعلمية، بل نريده في متناول الجميع؛ ليصل إلى كل المسلمين في مشارق الأرضومغاربها، فتُوضع دول المغرب العربي وموريتانيا بذلك في بؤرة اهتمام المسلمين، وهذاسيكون له مردود في أكثر من اتجاه دينيًّا وسياسيًّا واستثماريًّا، وغيرذلك.
لاجئو الصحراءالغربية
ثالثًا:على الحكومة المغربية أنتُبرز اهتمامًا كبيرًا باللاجئين من أهل الصحراء، الذين يعيشون في ظروف صعبة فيالمناطق الحدودية بين المغرب والجزائر وبالقرب من تندوف، فهؤلاء في وضعهم المزري لنيجدوا سبيلاً للانتماء للمغرب في قلوبهم، ومن. هنا فنحن لا نطلب مجرَّد إعانات، أومجرد إرسال هيئات إغاثية، إنما نريد حلاًّ جذريًّا يوفر لهم الرعاية الصحيةوالغذائية والعلمية والحياتية بشكل عام، وإلاّ سيصبح هؤلاء بركانًا قابلاً للانفجارفي أي لحظة، وهم – في النهاية – مغاربة لهم حقوق، فالمغرب لا تملك الصحراء الغربيةدون واجبات عليها، بل تحكم الأرض وترعى شعبها.
رابعًا:على الدولة المغربية أن تسرعباستصلاح أرض الصحراء الغربية، والتنقيب عن المياه الجوفية، أو استقدام المياه منأحد الأنهار القريبة، أو تحلية مياه البحر. كما أن عليها أن تُنشئ عدة مدن حديثة فيالصحراء، لتكون ملاذًا آمنًا مريحًا لأهل هذه المنطقة الصعبة، ويمكن أن تكون هذهالمدن بالقرب من المناجم ليسكن فيها العمال والاقتصاديون، كما يمكن أن تكون بالقربمن ساحل البحر لتتعامل مع الثروة السمكية والموانئ التجارية، وهناك عدة تجاربلإنشاء مدن في الصحراء في أكثر من دولة عربية، وفي مصر – على سبيل المثال – هناكمدن كثيرة أُنشئت في وسط الصحراء فغيّرت من طبيعتها وجلبت الاستثماريين وأصحابالمصانع، مثل مدينة العاشر من رمضان ومدينة السادات ومدينة النوبارية وغير ذلك. ويمكن أن يقوم الاقتصاديون ببناء المصانع المتخصصة التي تصنع المواد الخام الموجودةبالصحراء الغربية بدلاً من تصديرها في صورتها الخام فقط، كما يمكن إنشاء مصانعتعليب الأسماك وتصنيعها، ولقد تحسَّن الاقتصاد الفيتنامي – على سبيل المثال– بتصنيع الأسماك فقط!
ثم إن هذه المصانع ستحتاج إلى عمَّالٍوإداريين وموزِّعين وغير ذلك، ويمكن أن تعطي أولوية لأهل الصحراء للعمل في هذهالأماكن مع ربطهم بالنظام العام في المغرب حتى يزداد ولاؤهم للدولة. وصدقوني – ياولاة الأمر – فإنّ المواطنين لا يمكن أن يشعروا بالانتماء إلى بلدٍ تتوجه فيهالثروات إلى طائفة دون طائفة، وينعم فيها قوم دون آخرين.
إنهذه ليست أحلامًا ورديَّة وهمية، فالعالم العربي والإسلامي مكدَّس بالأموال، ولوأحسنت المغرب تسويق هذه المشاريع لجاءت رءوس الأموال من كل مكان، فتحقِّق الفائدةلكل الأطراف.
الرئيس الفرنسي ساركوزي والملك محمدالسادس
خامسًا: لا بُدَّ من تقليص الوجودالأجنبي في منطقة الصحراء الغربية، بل في المغرب بكاملها، سواءٌ كان هذا الوجودعسكريًّا عن طريق جيوش حفظ الأمن والسلام، أم كان اقتصاديًّا عن طريق الشركاتالعالمية العملاقة؛ لأن هؤلاء لهم أجندة مختلفة عن آمالنا وطموحاتنا، وسوف يؤديتواجدهم إلى إعادة فتح ملفات قديمة قد تؤثِّر سلبًا على الأحداث. ولا مانع إن كناسنضطر إلى الاستعانة بشركات متطورة أن نتعامل مع بعض الدول الأخرى مثل الصين وكورياواليابان وماليزيا، ولا داعي للأمْرَكَةِ في كل شيء؛ فواقع الأمر أن هذا يؤدِّي إلىاحتلال اقتصادي واجتماعي ومعنوي قد يكون أشدَّ من الاحتلالالعسكري.
قادة البوليساريو
سادسًا: لا بد للحكومة المغربية أنتُصدر عفوًا شاملاً حقيقيًّا عن قيادات البوليساريو ومقاتليه، وعن رئيس حكومةالجمهورية الصحراوية ووزرائه، وأن تعطيهم ما يعوِّضهم عن الطموحات التي في أذهانهم،وليست القضية في الأموال بحسب، ولكن في السلطات أيضًا، فلا مانع أن تقسَّم الصحراءالغربية إلى أقاليم، ويكون على قمة هذه الأقاليم رجال من أهل الصحراء. كما لا بُدَّأن يُشْرَك أهل الصحراء جميعًا في منظومة الحكم المغربي، فيمكن لهم أن يدخلواالبرلمان والوزارات والمؤسسات الكبرى، بل من الأفضل أن تكون لهم نسبة ثابتة فيالحكومة تبعًا لنسبة السكان في الصحراء الغربية، ولا مانع أن يكون منهم السُّفراءُوالقضاةُ ومديرو البنوك والشركاتِ الكبرى.. إنها عملية دمج طبيعية تحقِّق الأمنوالسلامة، وتزرع الانتماء، وقبل كل ذلك فهو حق من حقوقهم؛ لأنهم من أفراد الشعبالمغربي.
حقوق الإنسان فيالمغرب
سابعًا: على الحكومة المغربية أن تفتحملف حقوق الإنسان بمنتهى الشفافية؛ فسُمْعة المغرب في هذا المجال – للأسف – غيرطيِّبة، وأنا أعرف أن هناك الكثير من الإصلاحات التي قامت بها الحكومة في عهد الملكمحمد السادس، لكن هذه الإصلاحات لم تصل إلى الحدّ المطلوب، وإن كنا سعداء بمااعترفت به الحكومة في سنة 2004م – عند إنشائها لهيئة الإنصاف والمصالحة – بأنهاتعدَّتْ ظلمًا على 20 ألف مواطن في عهد الملك الحسن الثاني، وأنها تبحث طرقتعويضهم. لكنْ كل المؤشرات تشير إلى أن جوانب كثيرة من حقوق الإنسان المدنيةوالسياسية ما زالت منتهكة، ومن المؤكد أن أهل الصحراء الغربية لو شعروا بشفافيةالأمور، وحياديَّة الحكومة، وقوة القانون، وعدم إمكانية التلاعب به، فإنّ هذه كلهاأمور تدفع إلى قبول الاندماج بشكل طبيعي في الدولة المغربية.
ثامنًا: نريد مراجعة صادقة من المسئولين في المغرب لنظامالحكم فيها؛ فالأنظمة الديكتاتورية تتهاوى في العالم أجمع، ولم يبقَ لها معاقل إلافي عالمنا العربي! وما عاد الناس في العالم يقبلون أن“يملكهم” إنسان، وقدتبدو وجوه الشعب راضية، ولكن في نفوسهم براكين، وفي قلوبهم غليان، وهذا لا ينذربخير أبدًا.. إنه ليس من العيب أبدًا أن نراجع أنفسنا، وأن نعدِّل من مسارناونظامنا إنْ وجدنا خيرًا منه، والعالم الآن لم يعُدْ مغلقًا كأيام القرون الأولى،بل أصبح قرية صغيرة، يستطيع فيها الشعب المغربي الأصيل أن يتابع ما يحدث لإخوانه فيالإنسانية في كل بلاد الدنيا، سواءٌ من الفضائيات أو الإنترنت أو التليفونات، ولميعد هناك إمكانية للسيطرة على مدارك الناس، فلا شكَّ أنهم يتساءلون: لماذا يحدث هذاالجبر والقهر في بلادنا، وما عاد يحدث في رومانيا أو بولندا أو فنزويلا أوبوليفيا؟!
إنه من الأسلم أن نجلس جلسات مصارحة ومكاشفةوبحثٍ عن الأفضل؛ حتى نضمن أمنًا وأمانًا للبلاد، وفي ذات الوقت نُخرِج أفضلالطاقات للعمل من أجل رفعة الأمة.
الرئيس الجزائري وزعيمالبوليساريو
تاسعًا: لا بُدَّ لدولة الجزائر أنتتدخل بشكل إيجابي لحلِّ الأزمة؛ فدولة المغرب أبقى لها من جمهورية الصحراء، ونحنفي النهاية جميعًا مسلمون، ولا داعي للمراهنات السياسية التي تحافظ على أتُونِالفتنة في المنطقة، ولو رفعت الجزائر يدها عن دعم الجمهورية الوهميَّة المستقرةعندها في تندوف لاقتربت المشكلة كثيرًا من الحل، ولا يعني هذا إلقاء القائمين علىهذه الجمهورية، إلى التهلكة، بل نريد أن نحفظ دماءهم وأعراضهم وأموالهم، فهم أيضًامسلمون ومغاربة ولهم حقوق، إنما نريد للجزائر كدولة عريقة وأصيلة أن تجلس بإيجابيةللمصالحة بين المتخاصمين، ولإعادة جمع الشمل من جديد.
عاشرًا: يا أمتي العربية والإسلامية، أين أنتِ؟! ألا يمكن أنيجتمع المخلصون من ستين دولة إسلامية لحلِّ هذه الأزمة، ولغلق هذا الملف، ولفتحصفحة جديدة للنهضة والإعمار والاستصلاح والاستثمار؟!
إنالأمَّةَ غابت كثيرًا وكثيرًا عن أداء دورها، وعن القيام بالأعمال المنوطة بها،فهانت على الدنيا، بل هانت على نفوس أبنائها، فما عاد المسلمون ينتظرون منهاشيئًا.. أين الجامعة العربية؟ وأين منظمة المؤتمر الإسلامي؟ وأين منظمة الوحدةالإفريقية؟ وأين العلماء والدعاة؟ وأين الرؤساء والأمراء؟
آهٍ لو تحرَّك هؤلاء وهؤلاء..
إن كنا سنعجز عن إنهاءالصراع بين الأشقاء، فماذا سنفعل في قضايانا في فلسطين والعراق والشيشان وكشميروغيرها من جروحنا النازفة؟!
هذه هيالآليات التي أراها في هذه القضية.. فتلك عشرة كاملة.
وأعلم أن الكثير سيقولون: هذا في معظمه دور الحكام، فأين دور الشعوب؟ فأقوللهم: بداية الأمر أن تفهم الشعوب ثم تتحرك، فلو رأى اللهU الصدقَ في قلوبها،والجِدَّ في أعمالها، رزقها من يُعيد لها مجدَها وعِزَّها.
فيا أهلنا في المغرب استقبلوا إخوانكم في الصحراء بالكرم المغربي المعروف،ويا أهلنا في الصحراء عودوا إلى وطنكم الأم، ويا أمتنا أفيقي؛ فأنتِ خير أُمَّةٍأخرجت للناس.
هذه شهادتي للتاريخ، والله من وراء القصد، وهويهدي السبيل.
وأسأل اللهأن يُعِزَّ الإسلاموالمسلمين.
إرسال تعليق