حكومة ايرانية ائتلافية معارضة يأذن بها مرض خامنئي

0

تجاوز عدد الدراويش الغوناباديين الذين تم اعتقالهم خلال يوم أمس واليوم 20 و21 ايلول/ سبتمبر بسبب تجمعهم أمام عدلية النظام في طهران أكثر من 800 شخص. وانهالت

شاكر الجوهري / كاتب صحفي ومحلل سياسي
جملة أسئلة هامة لا بد من أن تطرح الآن، بالتزامن مع حدثين هامين في ايران:
 الحدث الأول: مرض علي خامنئي، مرشد نظام الملالي في ايران.
 الحدث الثاني: حلول الذكرى الخمسين لتأسيس حركة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة.
 السؤال الأول: هل يتمكن نظام الملالي في ايران من الإتفاق على ملا جديد يكون خليفة لخامنئي في موقع “الولي الفقيه”، في حال عجز أو وفاة المرشد..؟
 السؤال الثاني: هل يستطيع الملا الجديد الإمساك بزمام الأمور كما هو الحال في عهد خامنئي..؟
 السؤال الثالث: ما هو دور المعارضة الإيرانية في عملية التحول المنتظر، إن ليس الآن فغدا..؟
 السؤال الرابع: كيف تحولت حركة مجاهدي خلق من ثورة منتصرة على نظام الشاه، إلى معارضة لنظام الملالي..؟
 السؤال الخامس: ما هي طبيعة الصراع بين نظام الملالي، وحركة مجاهدي خلق، وهي حركة اسلامية في سماتها العامة..؟
 مرض خامنئي يشعل الخلافات
 فيما يتعلق بمرض خامنئي، الذي يشعل صراع المرجعيات في إيران، فإنه سبق أن تم تشخيصه باعتباره سرطان في غدة البروستاتا. وقد صدر بيان نادر في طهران قال إن المرشد
 خضع لجراحة ناجحة في البروستاتا.
 اجراء العملية الجراحية بعد سنوات من اصابة خامنئي بالمرض، يعني أن حالته تتفاقم، وتنقله إلى عتبة الموت أو التقاعد..!
 التغيير أصبح إذا واردا.. خصوصا وأن صلاحيات المرشد يحتاج الإطلاع بها إلى صحة جيدة. فهو مشرف على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وأيضا على السياسة الخارجية والملفات الأساسية (خصوصا الملف النووي)، والجيش والإعلام.
 لم يعين خامنئي نائبا له، وعلى ذلك، فإن صراعا مريرا سينشب على خلافته.. خصوصا في ضوء طموح وتنافس المتشددين والإصلاحيين على الخلافة.
إن خلفه أحد المتشددين، فإن الصراع بين المرشد، ورئيس الجمهورية سيكون مؤكدا.
وإن خلفه مرشد اصلاحي فهذا يعني تفجر العلاقة مع المتشددين، الذين يكونوا قد فقدوا منصب المرشد، إلى جانب رئاسة الجمهورية، التي حظي بها حسن روحاني، خلفا للمتشدد محمود أحمدي نجاد.
تدخلات عسكرية متوقعة
الأمر في هذه الحالة قد يستدعي تدخل الجيش، والحرس، والباسيج (الميليشيا الشعبية).. أدوات المتشددين، ليقابل هذا التدخل مظاهرات شعبية عارمة للإصلاحيين.. تهدد بسقوط نظام الملالي من اساسه، خصوصا إن شاركت المعارضة الإيرانية (مجاهدي خلق) في هذا الحراك الشعبي العارم.
 المنافسان الرئيسان على منصب المرشد في هذه الحالة هما:
1الإصلاحي المرن، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، حليف الرئيس حسن روحاني، ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، المكون من 88 عضوا والذي يعين ويراقب كما أن بإمكانه الإطاحة بالمرشد.
 2المتشدد أحمد خاتمي.
وفي ضوء الصراع على منصب المرشد، واحتمالات تفجر الصراع بين تياري التشدد والمرونة، كما داخل كل تيار، فإن امساك المرشد الجديد بزمام الأمور سيكون مشكوكا فيه.. خصوصا في ضوء عدم التوافق المسبق، والمزكى من قبل المرشد السابق على خليفته، وكثرة الذين يطمحون في المنافسة.
 وبالتأكيد، أن القوات المسلحة والحرس والميليشات، ستخوض تنافسا كبيرا فيما بينها، يغذيه التنافس التاريخي بين الجيش والحرس منذ أيام الحرب العراقية الإيرانية،حيث عمل الخميني في حينه على ترجيح كفة الحرس على كفة الجيش، وتحميل الجيش مسؤولية الهزائم والإنكسارات أمام الجيش العراقي، ونسب الإنتصارات للحرس.
 وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية فإن القوات المسلحة ستدعم في كل الحالات سياسة متشددة حيال الجيران.. خصوصا في البحرين، والسعودية، واليمن، والعراق وسوريا ولبنان، وعموم الدول الخليجية.
 ستفعل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية ذلك، بغض النظر عن شخص المرشد المقبل.
 إن كان المرشد من المتشددين، فإنها ستفعل ذلك برضاه.
 وأن كان من المعتدلين، فستفعل ذلك رغما عنه.. وضمن توجهات اضعافه.
 السطو على الثورة
فيما يتعلق بالمعارضة الإيرانية، ممثلة اساسا في حركة مجاهدي خلق، التي أوقفت العمل المسلح ضد نظام الملالي منذ 1982، وهي القطب الرئيس في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، فإنها ستجد نفسها مدعوة بإلحاح إلى:
 أولا: الإنخراط في الحراك الشعبي المتوقع الذي يرفض نظام الملالي من اساسه.
ثانيا: دراسة امكانية العودة للعمل المسلح من جديد.
سبق للخميني والملالي سنة 1979، أن انتهزوا ظروفا داخلية لدى مجاهدي خلق، كي ينقضوا على قيادة الثورة، ويؤسسوا نظامهم، القائم على قرارات الولي الفقيه وحده، وبالتأكيد أن “مجاهدي خلق” سيجدون أنفسهم في مقبل الأيام، مدعوون إلى انتهاز الخلل الداخلي في نظام الملالي، والعمل على تمكين الإيرانيين من التصويت في انتخابات حرة لاختيار نظام الحكم المقبل في ايران.
لقد كان “مجاهدي خلق” في ذلك الوقت (1979) قادة الرأي العام، والشارع الإيراني.. وكان في مقدورهم أن يحركوا الملايين تهتف بسقوط الشاه، ورفض تولي الملالي الحكم في ايران، غير أن الخميني انتهز ظرفين موضوعيين، كي يتمكن من السطو على الثورة:
الأول: إعدام نظام الشاه لجميع اعضاء اللجنة المركزية للحركة، باستثناء مسعود رجوي، الذي نجح شقيقه الدكتور كاظم في تحريك حملة دولية لإنقاذه من حبل المشنقة.. واعتقال جميع مستويات القيادة في الحركة.
الثاني: الإنقلاب الذي دبره شيوعيون داخل الحركة بهدف الإستيلاء على قيادتها.
الآن، يبدو المشهد السياسي في ايران مقلوبا مقارنة بما كان عليه سنة 1979.. الملالي هم المنقسمون، ومقدمون على تناحر داخلي مدمر. والمقاومة الإيرانية بقيادة مجاهدي خلق واحدة موحدة.
بل إن المعارضة الإيرانية تحظى الآن، إلى جانب احترام والتفاف الرأي العام الإيراني، على احترام وتأييد الرأي العام الدولي.. تشهد على ذلك الإحتفالات الجماهيرية المذهلة التي تنظمها المعارضة في باريس، في ذكرى المجازر التي ارتكبها نظام الملالي بحق مجاهدي الشعب الإيراني، والتي يزيد عدد المشاركين فيها في بعض الحالات على المائة ألف مناضل ايراني، ومئات الممثلين البرلمانيين لشعوب الأرض وكبار المسؤولين السابقين في الولايات المتحدة ومختلف العواصم الغربية، والمعارضات العربية والإسلامية التي تروم استعادة حريتها وكرامة أسوة بالشعب الإيراني.
 حركة مجاهدي خلق
ولـ “مجاهدي خلق” من تاريخها خير داعم لها في التصدي الآن لمهمة قيادة الإيرانيين إلى انتخابات حرة، بإشراف دولي.. يقرر الإيرانيون فيها مصيرهم بأنفسهم دون تزوير أو أي شكل من أشكال الوصاية الداخلية أو الخارجية.
لقد تأسست حركة مجاهدي خلق في مثل هذه الأيام (6/9) من سنة 1965 على أيدي الشهداء الثلاثة محمد حنيف نجاد، سعيد محسن، وعلى أصغر بديع زادگان، بوصفها حركة مسلمة ثورية وطنية وديمقراطية. وكان هؤلاء الثلاثة خريجي جامعة طهران وناشطين منذ عهد المرحوم الدكتور محمد مصدق زعيم الحركة الوطنية الإيرانية في خمسينيات القرن الماضي، ليصبحو لاحقا اعضاء في حركة التحرير بزعامة آية الله محمود طالقاني والمهندس مهدي بازركان.. ثم ليؤسسوا حركة مجاهدي خلق بهدف استبدال ديكتاتورية الشاه بنظام وطني ديمقراطي يمثّل سيادة الشعب وحريته.
وقد اختيرت تسمية (المجاهدين) من الآية القرآنية الكريمة «فضّل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً».. ووضع الشهداء الثلاثة شعار الحركة بداية سنة  1972 حين كانوا معتقلين في سجن ايفين، قبيل اعدامهم.. الذي يتضمن الآية الكريمة.
وقد استمر العمل السري للحركة طوال ست سنوات، حتى 1971، كاشفة عن الإسلام كأيديولوجيا ديمقراطية ذات ديناميكية.
ولما كان الشعب الإيراني المسلم ضد نظام الشاه، ووجد في مجاهدي خلق ضالّته للنضال المنظّم، تحوّلت حركة “مجاهدي خلق” بسرعة إلى قبة الميزان في الشرعية النضالية في إيران.
  وهنا بذل الملالي من أمثال منتظري ورفسنجاني وخامنئي وغيرهم كلّ جهدهم للإقتراب من الحركة وفرضوا الضغوط على خميني الذي كان في النجف لتأييدهم. وكتب منتظري رسالة سرية إلى خميني شبّههم فيها بأصحاب الكهف وقال في رسالته «إنهم فتية آمنوا بربهم فزدناهم هدى».
وخلال هذه السنوات الست، نجح المجاهدون لأول مرة في التاريخ المعاصر للعالم الاسلامي في عرض تصور جديد ومنهجي وشامل عن الإسلام مستقل تماما عن نظام الملالي المتطرفين الذين ظلوا لقرون يحتكرون تفسير الإسلام وجعلوه ملكا مطلقا لهم.
وقد قادت حركة مجاهدي خلق مظاهرات الشعب الإيراني التي أسقطت الشاه، وفتحت الطريق أمام عودة الخميني من باريس.. الذي تراجع فور وصوله طهران عن تشكيل المجلس التأسيسي الذي وعد به عدة مرّات في باريس، وفرض بدلا عنه مجلس الخبراء التقليديين من رجال الدين لكتابة دستور ولاية الفقيه.. مؤذنا بالإنقضاض على ثورة الشعب الإيراني، واقامة نظام الملالي.
ومع ذلك، تحول “مجاهدي خلق” وبرغم جميع الضغوط وحملات وهجمات الخميني عليهم، وفي غضون سنة واحدة من سقوط الشاه الى حركة سياسية واجتماعية كبيرة في جميع أنحاء إيران.. وافتتحوا فروعاً ومكاتب في 250 مدينة ايرانية، وحطّم توزيع صحيفة «مجاهد» الرقم القياسي في تاريح الصحافة الايرانيه حيث تجاوز عدد التوزيع حدود 600 ألف نسخة.
وقد فشل الخميني في محاولاته من خلال ابنه أحمد، شراء ذمم المجاهدين، وخصوصا مسعود رجوي، الذي أعاد تأسيس الحركة من داخل السجن، وبعد خروجه من السجن، إثر انتصار الثورة.
بعد عدة اسابيع من عودة والده إلى ايران، قال أحمد خميني خلال لقاء له مع رجوي: «اذا قمت بتأييد الإمام، وعارضت الذين يعارضونه، فإن جميع الأبواب ستفتح أمامك، وستعطى كل  ما تريد»..!
لكن رجوي رفض تأييد نظام الملالي.. رفضا بذلك أيضا تولي المناصب العليا في ايران.
 وخشية من نجاح رجوي برئاسة الجمهورية، نظرا للتأييد الشعبي الكاسح الذي تحظى به الحركة وزعيمها، أعلن الخميني “إن الذين لم يصوّتوا لصالح الدستور في استفتاء كانون أول/ ديسمبر 1979 لا يستطيعون الترشّح في انتخابات الرئاسة، وكان هذا القرار يشمل مرشحا واحدا هو فقط مسعود رجوي، لأنه كان الوحيد الذي قاطع الاستفتاء على دستور ولاية الفقيه من بين المرشحين.
تعليقاً على الغاء ترشيح رجوي كتب إريك رولو مراسل صحيفة “اللوموند” الفرنسية من طهران في 29 آذار/مارس 1980: «وحسب التوقعات المختلفة، لولا رفض الإمام الخميني ترشيحه (مسعود رجوي) في كانون ثاني/ يناير الماضي لكان رجوي قد حصل على ملايين الأصوات، فقد كان يحظى بتأييد الأقليات القوميه والدينية، لأنه كان يدعم منحهم حقوقاً متساوية وحكماً ذاتياً، كذلك كان سيحظى بقسم كبير من أصوات النساء اللواتي كان يؤيد حريتهن، وأصوات الشباب الذين يرفضون تماماً رجال الدين الرجعيين“.
بديل المعارضة
والواقع أن “مجاهدي خلق” كانوا سباقين إلى تشكيل إطار سياسي بديل لنظام الملالي منذ 21/7/1981.. أي في ذكرى انتفاضة الشعب الإيراني بقيادة الدكتور محمد مصدق، يحمل إسم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الذي يمثل ائتلافا واسعا من المعارضة الديمقراطية، وذلك بمبادرة من مسعود رجوي. وقد أصبح هذا المجلس أقدم ائتلاف سياسي في تاريخ إيران المعاصر وهو يضم أكثر من 500 عضو تشكل النساء نصفهم، والأعضاء من كافة فصائل المعارضة الديمقراطية سواء من الأحزاب والشخصيات الوطنية والإسلاميين والعلمانيين والاشتراكيين والليبراليين، وممثلي الاقليات القومية والدينية.. وهو يعمل بمثابة برلمان للمقاومة وتعتبر لجانه الخمس والعشرون مرتكزات الحكومة الائتلافية المؤقتة القادمة.       وسبق أن قرر المجلس تشكيل حكومة ائتلافية تتولى السلطة لمدة اقصاها ستة أشهر بعد بعد سقوط نظام الملالي، ستكون وظائفها الرئيسية اجراء انتخابات عامة وتشكيل مجلس وطني تأسيسي.
إلى ذلك، فقد سبق لهذا المجلس انتخاب السيدة مريم رجوي رئيسة لجمهورية ايران.. وهي تقوم بنشاطات وحراكات سياسية عميقة، بصفتها هذه.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.