تواضع شيخ وفلسفة مربي

  • بتاريخ : 17 أبريل، 2015 - 12:03
  • الزيارات : 15
  •       أطلق الكثيرون من محبي الفضاء الاجتماعي ورواد المواقع الالكترونية تعليقات حول ما بات يسمى ب” فتوحات وكرامات الشيخ الصمدي” تابعت

          أطلق الكثيرون من محبي الفضاء الاجتماعي ورواد المواقع الالكترونية تعليقات حول ما بات يسمى ب” فتوحات وكرامات الشيخ الصمدي” تابعت

     الكثير منها ووقفت على بعض جوانبها التي – وان كانت فاقدة للدقة والموضوعية ولها أيضا ما يبررها- تستحق أن تقرا من منظور أخر وبتمعن كبير، وكيف لا ومثل هذه الظواهر غدت جد منتشرة بين سواد الناس، وموضوع جدل بين الخاص والعام.

    ليسغريبا على مجتمعنا أن يعيش منذ أزمنة وقرون بعيدة على روافد هذه الظواهر، يعيش فيها، يتأثر بها، ويقيم لها احتفالات ومواسم ويكرس لها طقوسا

    خاصة، فالمغرب كان ولا يزال موطنا لكل الزوايا بمختلف مشاربها، وبتباين إيديولوجيتها، وبتنوع نسيجها الصوفي الطرقي، وقبلة لكل باحث عن الحقيقة الصوفية،

     من مشرقي ومستشرق، متخصص أو مستكشف، هاو أو مشكك،  لابد أن يقصد المغرب، لأنه قد ترسخ في مخياله مقولات باتت أكيدة ومسلمة” المشرق بلد الأنبياء والمغرب موطن الأولياء”…علاوة على اهتمام المغرب أيضا بهذه الثقافة الصوفية من إقامة مهرجانات للموسيقى الروحية أو تنظيم مهرجانات للمديح وندوات بمختلف

    المدن للتربية الصوفية وعلاقتها بإصلاح الفرد والمجتمع. لكن ما هو اغرب اليوم أن يصبح التصوف لدى البعض موضة جديدة…يتهافت إليها من هب ودب، يتمسح

    بها من أراد تحقيق غاية وقضاء حاجة ونيل حظوة،، لقد أصبح تجارة تدر الأرباح وتشبع البطون وتبني العمارات وتوظف بها في قطاعات كثيرة أصحاب الشهادات،

    بعدما كان عملة صعبة ومراد لا ينال إلا بشق الأنفس وطريق لايسلكه إلا ذو الرياضات الخاصة، والمجاهدات الجادة والنوايا الصادقة، كان بحق تربية وذوق…

               للأسفالشديد هذا هو واقع التصوف اليوم أحب من أحب وكره من كره، وعلى الدنيا السلام، فطبيعي أن تطرح على مواقع التواصل الاجتماعي و تتناول من فئة عريضة من غير المتخصصين على مائدة  النقاش اليومي كتنفيس عن واقع مادي كئيب وكدليل على أزمة روحية باتت وشيكة، تناقش  بدون مركب خوف وبعيدا عن مطابات وطابوهات النقاش السياسي القائم. ويتحول النقاش مثل الجلاد يحدد حقيقة وبطلان “فتوحات وكرامات الشيخ الصمدي”،.

             من بين ما استوقفني تحليل أشبه بالهذيان، خلص صاحبه أن لو كان لها عمر لما كان وكان… ومعلق أخر يسمي نفسه محارب التصوف، ونسي أن من يحارب التصوف هم أهله ودهاقنته، فلا يحتاج منك التصوف أن تحاربه، لأنك لا تعرفه، ومن لا يعرف من يحارب لا يعرف كيف ومتى يغلبه، والنتيجة حتما رابح وخاسر، وأنت الخاسر لا محالة.. اعرف خصمك جيدا… تمكن من نقط القوة والضعف فيه…تم هاجم ….وعندما تهاجم تأكد انك تواجه في الأخير بطلا هزمه شيوخه ومريدوه

    وأوجعوه ضربا وشنقوه بالعمائم الفارغة والسبحات المغشوشة والابتهالات الكاذبة….والتقبيلات والمراسيم  الباهتة… حدثني عن تصوف الجندي وأقول نعم.. حدثني

    عن ورع إبراهيم بن ادهم وأقول نعم والقائمة طويلة من منارات التوجه الصادق إلى الله.

            ماذا لو كان لها عمر؟..  الاحتجاج بسلطة الأشخاص ليست دليلا على صحة مذهب أو قوة حجة،  اعرف الحق تعرف أصحابه، وهذا ليس قدحا في قامة عظيمة كسيدنا عمر بن الخطاب، ولكن كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر، وإنما مورس علينا وعلى أجيال كثيرة خلت طغيان هذا المنطق، فأصبح قرانا ونصا

    مقدسا يمرر غير ما مرة بصدق نية أو بتغليب طرف ذو حجة واهية على طرف أخر والحالة هذه أننا ندور في حلقة مفرغة لامقنع ولا مقتنع.

    يقول معلق أخر:التصوف هو الباب الذي يتسرب إليه التشيع… وهل الجنيد شيعي؟ هل بن مشيش شيعي؟ هل القاضي عياض شيعي؟ وهل الجزولي شيعي؟

    أعطني رجلا سنيا واحدا من أهل التصوف تشيع…أتحداك….فرق بن المشرق والمغرب بين التصوف والتشيع… التشيع سوء أدب مع أهل الفضل والتصوف منتهى الأدب، التشيع قدح وتقية والتصوف أخلاق وصدق نية، التشيع حروب وقتل على الهوية والتصوف محبة وإنسانية… ولكن ربما قد يفهم من كلامك غير ما قيل باعتبار أن التصوف يكرس في اصدق تجلياته محبة أهل البيت والعثرة النبوية…. فما العيب؟ أليس حب أهل البيت سنة، أتحرمنا حتى من هذه المحبة، سأذهب ابعد من هذا

     وأقول لك انك لست وطنيا صادقا، فنحن نبني وطنيتنا قبل كل شيء على محبة كل أحفاد النبي، سواء من ماتوا ا ومن يزالون على قيد الحياة، ندعولهم بالمغفرة والحسنى، ندعو لملكنا سبط النبي بطول العمر وبالصحة والعافية، هل ملكنا شيعي؟ فانا لست من يرد عليك في هذا الباب، الشعب المغربي قاطبة سيقول لك اتق

     الله اتق الله اتق الله…. 

            خطابات كثيرة اندست وفرقت الأمة، واتسعت الهوة وتخلفت، والسبب هو رفض المصالحة مع التاريخ، لنا تاريخ، نقول هنا أخطانا فنقف، وهنا كذبنا فنصدق، وهنا انهزمنا فنعترف، وهنا سفهنا فنحلم، ينبغي أن لا يحكمنا التاريخ بنص مسجون، كتبه طاغية أو أملاه سكران، أو حمله مجنون.

          لتحقيق الإثبات وتبرئة الخاطر، استمعت للشيخ الذي تبدو عليه مهابة الوقار وعلامات الصلاح، تكلم وحققت كل كلمة قالها فلم أجد إلا عقلا حكيما ينقلك من وهم ماشيع عنه إلى مساحات النضج والتواضع العرفاني الصادق،  حتى الخابرون  بفن الفراسة لهم رأي أخر، تقاسيم الوجه، شكل الملامح، واستدارة الجسد، ولغة

    الخطاب ونبرة الصوت مقياس يرسم معالم شيخ متواضع وفلسفة مربي. لكن كل هذا البسط لا يدعو أحدا أن يكون عبدا لأحد أو كالميت بين يدي غساله،

    فمتى استعبد الناس وقد ولدوا احرار.

          اعرف كثيرا من آهل الفكر والتوجه السلفي، واعرف عنهم انعدام جرأتهم على توضيح بعض قضايا هذه الأمة،  أو حتى الاقتراب قيد أنملة من معالجة مثل هذه  المسكوتات، خوفا أن تسلط عليهم السيوف وتقطع عنهم الأرزاق ويلقى بهم في مهب الريح، ونسوا أو تناسوا أن الفكر وجد ليناقش ليصارع و ليحي أو يموت. 

         كلام كثير جرى تحت الجسر،  وتم إنكار مقامات وكرامات بحق أو غير حق، فقط عنادا وليا للحقائق الكونية التي تشهد بوضوح أن رجلا مخفيا نقل بلمح البصر عرش ملكة من بلد لاخر وبحضور نبي ابن نبي  حاكم الإنس والجن، فأين من قال لو كان لها عمر؟، وهل غابت عنك سارية الجبل، إذن التنقل بين الأماكن أمر وارد،

    والتحدث بشيء من الغيبيات وارد، وشفاء الناس وارد وذلك شريطة أن يلبس صاحبها دثار التنكر والاختفاء، وتكون مضبوطة بضابط شرعي متين، حتى لا تصبح

    ضربا من السحر والشعوذة، ولا مدعاة للتظاهر بالتقوى والاستزادة من متاع الدنيا.