ريحانة برس- محمد عبيد
أوضح المنشور الأخير الصادر عن وكالة التصنيف الدولية، ستاندرد آند بورز، إحدى أكثر الوكالات نفوذاً على مستوى العالم، وعلى الرغم من الوضع الدولي المعقد والتحديات المرتبطة بالتنمية، بأن المغرب ما زال صامدا… وكيف تمكنت المملكة من الحفاظ على مسار الإصلاحات.
ويبقى القول من خلال الواقع بأن الإصلاحات نفسها، التي يصعب تنفيذها في بعض الأحيان، في حاجة ضرورية لتحقيق أهداف التنمية التي حددتها ورغبتها أعلى سلطة في البلاد.
وإذا كان على الدولة أن تفتح عدة جبهات في وقت واحد لأن الاحتياجات قد تكون كبيرة جداً في بعض الأحيان، فإن الحكومة مطالبة بمواجهة جميع التحديات، وبأنها ستتطلب تعبئة خاصة وقوية منها الاستثمارات الضخمة في مجال البنيات التحتية، وبناء سدود جديدة ومحطات تحلية المياه وإعادة تدوير المياه، فضلا عن تدابير ترشيد استهلاك المياه…
كما أن انتعاش الاقتصاد المغربي، وإن كان قد سجل معدلات نموه بعض التقدم، فإنه يبقى رهينا بشكل كبير بالفلاحة التي تساهم بـ10٪ من الناتج الداخلي الإجمالي وتوفر أكثر من 30٪ من نسب التشغيل، وبالتقلبات المناخية…
ولكن بالمقابل فلقد أشار المنشور بأن الانتعاش الذي يعيشه البلد اليوم هو نتيجة لانتعاش مجموعة من القطاعات (القطاع الصناعي والمجال السياحي، والفوسفاط، وصناعةالسيارات)…
وأنه من المتوقع ومن خلال صمود الاقتصاد الوطني الذي تمكن أن يقاوم الصدمات أن ينمو الناتج الداخلي الخام بنسبة3,6٪ بين 2024 و2027، وأنه يُتوقع أن تبلغ معدلات التضخم سنة 2024 إلى حوالي1,5٪، وبان أن الإصلاحات الاقتصادية الحالية في المغرب ستساهم في تحقيق نمو اقتصادي أقوى وأشمل… كما أكدت أن تنوع ومرونة الاقتصاد المغربي تعزز من آفاق النمو.
فخلاصة القول، فإن نجاح الإصلاحات يبقى رهينا بالدرجة الأولى بمؤشرات المستوى المحلي ومجموعة من التغييرات، وكذلك رهينا بالعامل الخارجي، والمتمثل فيما سوف يعيشه المغرب من علاقات اقتصادية مع شركائه، خاصة التقليديين الأوروبيين، علما أن الاقتصاد المغربي سيستفيد أيضا وبشكل تدريجي من المشاريع الكبرى المرتقب إنجازها في إطار الاستعدادات لتنظيم كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم لكرة القدم لسنة 2030، فضلا عن تنفيذ الإصلاحات السوسيو-اقتصادية والرفع من القدرة التصديرية للمغرب، خصوصا وأن “ميناء طنجة المتوسط أصبح يتوفر على طاقة استيعابية تبلغ 3 ملايين وحدة مكافئة لعشرين قدما، مما يجعله أكبر ميناء في البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا”، وفق توصيف الوكالة.
فبعد الانتقال من اقتصاد منخفض الدخل إلى اقتصاد متوسط الدخل، يبقى على الدولة المغربية التركيز على التحول الهيكلي، وهذا يتطلب الاستثمار في رأس المال البشري والابتكار، وتعزيز بيئة الأعمال الأكثر تنافسية، وتخصيص مساحة مالية إضافية، والتنقل في مشهد جيوسياسي متغير.
ولكن لتسريع النمو الاقتصادي ولتحقيق أي شيء يقترب من وضع الدخل المرتفع، سيتعين على الحكومة المغربية إجراء المزيد من الإصلاحات المؤسسية والاستفادة بشكل أفضل من رأس ماله البشري.
إرسال تعليق