“الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الهدى محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه الكرام، وبعد؛
نص البيان:
“الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الهدى محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه الكرام، وبعد؛
فقد وصف الله سبحانه هذه الأمة بأنها أمة وسط، فقال جل من قائل: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) [البقرة:143]، وحذَّر سبحانه من سلوك مسلك أهل الغلو فقال: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ)[المائدة:77]، وأمرن
وسعياً من رابطة علماء المغرب العربي في التأكيد على هذا المنهج الرباني الوسطي، وإرشاد أبناء المسلمين إلى منهج أهل السنة؛ منهج الاعتدال، واستجابة للميثاق الذي أخذه الله سبحانه على أهل العلم في قوله: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ) [آل عمران:187]، فإنَّنا نحذِّر شباب الإسلام من خطورة الوقوع في وحل الفتن، ومستنقع استباحة الدماء والأعراض والأموال الذي وقعت فيه بعض الجماعات الغالية، كتلك التي تسمِّي نفسها بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، فإنَّ ما ارتكبه هذا التنظيم من جرائم قتل وذبح وجز للرؤوس، وانتهاك للأعراض، وسبي للحرائر؛ بحجة نصرة الإسلام وإعلاء كلمة الله بزعمهم، لهو طعنة خبيث في خاصرة ديننا الحنيف، وتشويه لصورته السمحة التي شهد بها العدو قبل الصديق.
إنَّ رابطة علماء المغرب العربي لتعتبر هذا التنظيم امتداداً لفرقة الخوارج المعروفة في التاريخ الإسلامي، فقد شاركوهم في قتل أهل الإسلام وترك أهل الأوثان، وتكفير المسلمين بغير برهان، وجرأتهم على أهل الخير والفضل وطعنهم في أهل العلم المعروفين. فهذه مجازرهم في أرض الشام والعراق (كالمجزرة التي ارتكبوها في دير الزور، وقبيلة الشعيطات) في حين سلم منهم الوثنيون في بورما، والصهاينة في غزة، والصليبيون الحاقدون في أفريقيا الوسطى شاهدة على منهجهم الفاسد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (5/248): “إنهم شر على المسلمين من غيرهم، فإنهم لم يكن أحد شراً على المسلمين منهم، لا اليهود ولا النصارى؛ فإنهم كانوا مجتهدين في قتل كل مسلم لم يوافقهم، مستحلين لدماء المسلمين وأموالهم وقتل أولادهم، مكفرين لهم، وكانوا متدينين بذلك لعظم جهلهم وبدعتهم المضلة”.
وقد قدَّموا بغلوهم وفجورهم هذا مبرراً لأعداء الدِّين لضرب الإسلام وأهله.
وإذ تصدر الرابطة هذا البيان، لتدعو مَن تورَّط من شبابنا في هذا الفكر الضال، أو تأثر به، أن يسارع إلى التوبة والرجوع إلى الحق، والالتفاف حول أهل العلم من ذوي النظر الفاحص والفهم الثاقب، المعروفين بالنصح، والصدق في العلم والعمل، الذين لا تستهويهم العواطف، ولا يزعزعهم تغير المواقف، كما قال الله تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) [النساء:83]، وقال سبحانه: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[النحل:43].
كما ندعوا حكومات الدول الإسلامية إلى حسن التعامل مع هذه القضية، وعدم السماح لأعداء الإسلام باستغلالها لضرب المسلمين في العراق والشام، أو التعدي على أراضيهم من قبل دول الاستعمار كأمريكا وإيران، أو جيش المالكي الطائفي بحجة مكافحة الإرهاب.
نسأل الله العظيم أن يحفظ بلاد المسلمين، وأن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
صدر عن الأمانة العامة لرابطة علماء المغرب العربي
بتاريخ الرابع من ذي القعدة لعام 1435هـ الموافق 30/08/2014م.
الرئيس الشيخ: محمد زحل
الأمين العام: الشيخ حسن بن مسعود عباس”.