الممنوعات التي على العلماء و على المفكرين الاسلاميين عدم الاقتراب منها

0

قدم الدكتور الريسوني في مقال له لائحة من الممنوعات التي على العلماء و على المفكرين الاسلاميين عدم الاقتراب منها حيث وصف هذه السياسة بكلمة “بوكو حرام”

 

عبد الرحمان السين

قدم الدكتور الريسوني في مقال له لائحة من الممنوعات التي على العلماء و على المفكرين الاسلاميين عدم الاقتراب منها حيث وصف هذه السياسة بكلمة “بوكو حرام” ليس يعني بها الحركة المتطرفة النيجيرية و لكن اللفظ الشعبي الذي يحيل على الاكثار من المنع. وإذا كان السيد الريسوني، بجرأته النسبية المعهودة، يضع أصبعه على ازمة حرية التعبير بالمغرب وباقي الدول الاسلامية التي تطال، ليس فقط الدعاة و العلماء، لكن النشطاء السياسيين و الحقوقيين الذين يوجهون سهام النقد للدولة ولاجهزتها بطريقة لا تروق الباحثين عن اجماع يكون الكل فيع راضيا عما يقع و في كل قضايا الشأن العام لاسيما المرتبطة بتوزيع الثروة و ممارسة السلطة و الحكم و الحرية و ما إلى ذلك، فإن هذا الطرح لايخلو أيضا من إشكاليات والتباسات مرتبطة باستغلال فضاءات العبادة و المؤسسات الدينية من مجالس وغيرها و هو ما انتبه إليه في ختام مقاله حيث، و تلافيا لكل لبس، فهو يرفض تحزيب المساجد أو المؤسسات الدينية العمومية، أو استغلالها لأي طرف كان، حتى لو قامت بذلك الدولة نفسها ووزارة الاوقاف ذاتها.

من وجهة نظرنا، ما يقدمه الريسوني يدخل في صميم حرية التعبير وواجب النضال لتقويم انحرافات الدولة و المجتمع، حيث ليس مستساغا أن يشتغل المثقفون كموظفين لدى أجهزة الدولة أو خادمين لدى الهيئات السياسية والحزبية، فلابد من استقلالية نوعية تسمح بأن يعبر فئة من المثقفين و منهم علماء الدين و المفكرون الاسلاميون عن مواقفهم و اتجاهاتهم الفكرية دون أن يتعرضوا للتضييق و الاقصاء و ربما السجن كما وقع في تاريخ الامة الاسلامية حيث كانت السلطة تضيق بالرأي الاخر و لاسيما الذي يمتلك شرعية دينية أو قاعدة اجتماعية.
لكن في المقابل، يجب الانتباه إلى أن هذه الحرية لاتعني، أن ينخرط جيش المثقفين الاسلاميين و الدعاة في معركة تقويض بناءات الدولة و اهتزاز المجتمع وحشره في صراعات طائفية و دينية ضيقة تقسم المجتمع إلى طبقات متصارعة حول الفتاوى و الفتاوى المضادة.
العالم و”رجل الدين” في الزمن الراهن، لا يملك السلطة المطلقة في ان يتجاوز القوانين و يدعو إلى التكفير، بل عليه أن يتحرك بشكل مدني و يطرح أفكاره ضمن سجال فكري و ايديولوجي و عقدي مدني ليس للعنف او ما يوحي إلى ذلك مكان. فالاستقلالية عن الدولة التي يطلبها لا تضمن الاستقلالية عن الاحزاب كما لاتضمن الاستقلال عن أجهزة وأنظمة خارجية كما لاتعصم العلماء من الخطأ في التقدير لأن الدين كان و لازال عاملا من عوامل الصراع السياسي و ليس من السهل تحييده لأن المغامرين غير مستعدين لذلك.
وفي جانب آخر، يجب على الدولة ان تفي بالتزاماتها وعناوين مشروعيتها حتى لاتسمح بالصراع في شرعيتها مثل ما يطرح موضوع إمارة المسلمين و الهوية الاسلامية للدولة من أسئلة تبرر للبعض الحديث عن أن الدولة تحارب الدين أو تسعى لعلمنة المجتمع بالقوة.
وفي الأخير، أرى أننا بحاجة إلى مثقفين وإلى علماء بشتى التخصصات الدينية و غير الدينية وإلى نشطاء سياسيين و حقوقيين ومدنيين يقيمون توازنا داخل المجتمع و يساهمون في التدافع والتعددية و الاختلاف بطريقة مدنية و متحضرة حتى لاينحرف مسار الدولة و المجتمع و يغرق في اوضاع حقوقية تسيء إلى البلد في الداخل و الخارج. ولايستقيم ذلك إلى بانفتاح الدولة المتصاعد على مفاهيم الحرية و التعددية و دولة القانون التي ستحمي كيان الدولة و المجتمع كما تحمي حرية الحركة و التعبير لدى المثقفين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.