ريحانة برس – هيئة التحرير
مع اقتراب عام 2025، يُطرح على الساحة سؤال جوهري: ما الذي ينتظر المغاربة في ظل مالية حكومية تعاني من ضغوط هائلة؟ وكيف ستؤثر توجيهات رئيس الحكومة عزيز أخنوش بالتقشف على حياة المواطن البسيط، الذي يجد نفسه بالفعل محاصراً بين جدران الغلاء الفاحش وانخفاض القدرة الشرائية؟ إن الحديث عن عام 2025 يأتي وسط سياق سياسي واقتصادي متأزم، حيث تتزايد المخاوف من أن تكون هذه السنة واحدة من “السبع العجاف” التي سيدفع ثمنها الشعب قبل أي أحد آخر.
تقشف الحكومة… وعبء المواطن
في الوقت الذي يُشدد فيه رئيس الحكومة على ضرورة خفض النفقات الحكومية في العام المقبل، نجد أن الحديث عن التقشف غالباً ما يرتبط بالسياسات التي تفرض عبئاً ثقيلاً على الطبقات المتوسطة والفقيرة. فالتقشف ليس مجرد أرقام وخطط مالية، بل هو سياسة تلمس حياة المواطنين بشكل مباشر. فماذا يعني التقشف في ظل هذا الغلاء؟ كيف يمكن للمواطن الذي يواجه يومياً ارتفاعاً غير معقول في أسعار السلع الأساسية والطاقة والخدمات، أن يتحمل سياسات تقشفية قد تعني تقليص الإنفاق على الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية، وربما حتى رفع أسعار المواد المدعمة؟
المغاربة اليوم يعيشون واقعاً اقتصادياً صعباً؛ أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية تسجل زيادات غير مسبوقة، والمحروقات أصبحت عبئاً حقيقياً على الأسر، بينما الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم تتآكل جودتها مع مرور الزمن. والنتيجة؟ توسيع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، في بلد يشهد تفاوتاً طبقياً متزايداً، حيث يعيش البعض في رفاهية مطلقة، بينما يكافح آخرون لتأمين قوت يومهم.
بين الغلاء وتجميد الأجور… الشعب تحت ضغط مزدوج
إذا نظرنا إلى الحالة الاقتصادية اليوم، نجد أن التقشف غالباً ما يُترجم إلى تجميد للأجور والمداخيل، في الوقت الذي ترتفع فيه تكاليف المعيشة بشكل جنوني. هل يُعقل أن يُطلب من المواطن “شد الحزام” أكثر في وقت تعجز فيه الحكومة عن السيطرة على أسعار المواد الغذائية الأساسية؟ أليس من المفارقة أن نرى الدعوات للتقشف تأتي من رئيس حكومة وأعضاء برلمان يتلقون أجوراً ومزايا ضخمة، بينما يُطلب من العامل البسيط أن يتحمل وحده أعباء الأزمة؟
التقشف والفساد: وجهان لعملة واحدة؟
المثير للسخرية في كل هذا هو أن التقشف غالباً ما يُفرض على المواطنين العاديين بينما تظل مظاهر الفساد وسوء التدبير المالي قائمة في أروقة الحكومة والبرلمان. إن تقليص النفقات الحكومية يجب أن يبدأ بمحاربة الفساد وإصلاح النظام الضريبي، لكن يبدو أن هذه القضايا ليست على رأس الأولويات. فالمواطن يُترك ليواجه تبعات سوء التدبير المالي دون أي حلول جذرية أو إصلاحات حقيقية.
إذا كان هناك تقشف، فلماذا لا نرى خطوات حازمة لاسترداد الأموال المهربة أو محاسبة من استفادوا من الامتيازات على حساب المال العام؟ أليس من العدل أن يبدأ التقشف من الأعلى، من أولئك الذين يملكون الثروات والامتيازات، قبل أن يصل إلى جيوب البسطاء؟
2025… هل يزداد الفقر أم يوجد حل؟
مع كل هذه المعطيات، يبدو أن 2025 ستكون سنة حاسمة في تاريخ المغرب الحديث. إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات حقيقية لحماية الطبقات الفقيرة والمتوسطة، فإن السبع العجاف لن تكون مجرد فترة مالية صعبة، بل ستكون بداية لانهيار اجتماعي أعمق. فالمواطن الذي يعاني من ضغوط الغلاء المستمر وتدهور الخدمات الاجتماعية، قد يجد نفسه في مواجهة خيارات محدودة: إما الهجرة بحثاً عن فرص أفضل، أو مواجهة قسوة الواقع دون أي أمل في تحسين الأوضاع.
هل ستستمر الحكومة في السير على نفس الخطى، أم ستدرك أخيراً أن الحلول التقشفية على حساب المواطن لن تؤدي إلا إلى زيادة التوترات الاجتماعية؟ وهل ستستجيب للنقد الموجه لها من داخل وخارج البرلمان، أم أن العام 2025 سيكون شاهداً على مزيد من الانقسامات بين الحاكم والمحكوم؟
في ظل هذه الظروف، يبقى الأمل الوحيد هو أن تجد الحكومة حلولاً مبتكرة تستطيع من خلالها تحقيق توازن بين التقشف والنمو، وتخفيف الضغوط على المواطنين الذين تحملوا الكثير، دون أن يجنوا أي ثمار ملموسة من السياسات الاقتصادية الحالية. فالمغاربة يستحقون أكثر من مجرد دعوات للتقشف، إنهم يستحقون حكومة تراعي مصالحهم وتحميهم من تبعات الأزمات المالية والسياسية.
إرسال تعليق