المذهب الحنبلي.. بريء من ابن تيمية وابن الجوزية والسلفية المتطرفة

0

يختلط الأمر أحيانا على البعض، بقصد أو بغير علم، فينسبون ما نراه من تشدد وتطرف لبعض فرق وتيارات الإسلام السياسي، في وقتنا الراهن (خاصة من التيار السلفي)

مدخل:

يختلط الأمر أحيانا على البعض، بقصد أو بغير علم، فينسبون ما نراه من تشدد وتطرف لبعض فرق وتيارات الإسلام السياسي، في وقتنا الراهن (خاصة من التيار السلفي) إلى اعتمادهم على نهج ورؤى الإمام أحمد بن حنبل، والخلط يأتي عند هؤلاء حينما يعتمدون أفكار ابن تيمية وابن الجوزية على أساس أنها من مخرجات الفقه الحنبلي .. والإمام ابن حنبل ومذهبه برئ من ذلك تمام، فلا يجوز أن ننسب إلى الإمام أحمد ما أضافه تلاميذه وأتباعهم من التكفير ومدح يزيد بن معاوية وتشبيه الله بخلقه وما إلى ذلك..)، لقد غالى محبو الإمام أحمد فيه حتى (جعلوا محبته دليلاً على الإسلام وبغضه دليلًا على الكفر والزندقة ويجمع  في دراسته ما في كتب العقائد من بعض  عقائد الحنابلة  التي أضرت بالأمة ومنها التكفير، الظلم، والغلو في المشايخ، والشتم، والكذب، والقسوة في المعاملة، والذم بالمحاسن، والأثر السيئ في الجرح والتعديل، والتجسيم الصريح، أو التأويل بالبالطل، وإرهاب المتسائلين، وتفضيل الكفار على المسلمين، وتفضيل الفسقة والظلمة على الصالحين، والمغالطة، والانتصار بالأساطير والأحلام، وتجويز قتل الخصوم، والاسرائيليات، والتناقض، والتقوّل على الخصوم، وزرع الكراهية الشديدة مع عدم معرفة حق المسلم، والأثر السيء على العلاقات الاجتماعية، واستثارة العامة والغوغاء، والتزهيد من العودة للقرآن الكريم مع المبالغة في نشر أقوال العلماء الشاذة – وبرأى الدكتور حسن بن فرحان – مع انتشار عقائد ردود الأفعال (كالنصب وذم العقل)، وجود القواعد المعلقة التي يطلقها بعضهم، والتركيز على الجزئيات وترك الأصول، وإطلاق دعاوى الاجماع، واطلاق دعاوى الاتفاق مع الكتاب والسنة والصحابة، وتعميم معتقد البعض أو بعض الأفراد على جميع المسلمين، مع إرجاع أصول المخالفين كل فرقة أصول الفرقة الأخرى لأصول غير مسلمة يهودية أو نصرانية أو مجوسية.

والمذهب الحنبلي أحد مذاهب المسلمين السنة، وقد اكتسب اسمه من مرجعه الإمام أحمد بن حنبل الذي كان فقهه يتسم بردة فعل اتسمت بالتحفظ وربما التشدد مقابل المنهج العقلي المتنامي في المجتمع الإسلامي كما كان حاله مع المعتزلة، ويقتصر المذهب الحنبلي إلى جانب القرآن الكريم على أحاديث النبي محمد (ص) المروية من الصحابة الأوائل، أما مبدأ القياس الذي ابتكره أبو حنيفة فكان بادئ الأمر مرفوضًا ولكن فيما بعد تم تطبيقه بعد تصنيفه إلى قياس صحيح و قياس مردود.

ويتسم الحنابلة بالتمسك الشديد بالماضي ويتخذونه محوراً يتعبدون حسبه حتى في بعض المسائل التي لم يحرم الإسلام تلاؤمها مع ظروف الزمان، بالإضافة إلى الفراسة والتي وضحها ابن جوزية بكل تفصيل في كتابه “الطرق الحكمية في السياسة الشرعية“.

أصبح المذهب الحنبلي من أسس التيارات المتشددة جدًا، وأصبحت آراء  ابن تيمية هي التي  يعتمد عليها السلفيون وقدوتهم محمد بن عبد الوهاب مؤسس الوهابية في المملكة السعودية.

ويمكن اعتبار الحنابلة  الفئة الأقل عددًا بين المسلمين السنة، وينتشرون بشكل أساسي في الجزيرة العربية وسوريا والعراق مع ملاحظة أن أغلبهم يعتنق الوهابية الحنابلة أو الفقه الحنبلي، وقد مر مذهب الحنابلة كباقى المذاهب الفقهية بعدة  مراحل كالتالي:

مرحلة التأسيس

مرحلة التأسيس الامام الشافعى

تبدأ هذه المرحلة مع  بداية الإمام أحمد بن حنبل منذ طلب العلم صغيرًا  وهو في سن الثالثة عشرة، إلى أن أتم 40 عامًا، واهتم خلالها بعلم الحديث  حتى انتقل إلى بغداد ثم الكوفة والبصرة بأرض العراق، ثم رحل إلى مكة والمدينة، ثم ذهب إلى صنعاء اليمن ماشياً في طلب الحديث ثم ذهب إلى طرسوس مرابطاً وغازيا، ثم عاد إلى الشام، كان معروفا باتباعه للسنة وظهر في هذه المرحلة أصعب المحن على المذهب وهى مسألة “خلق القرآن“.

والقراءة التي اختارها: قرأ الإمام أحمد على يحيى بن آدم وهو يروي رواية شعبة أبي بكر بن عياش عن عاصم (نعم: أبو بكر وليس حفص)، وقرأ برواية إسماعيل ابن جعفر عن نافع (وهي غير روايتي قالون وورش)، وقرأ أيضا بقراءة أبي عمرو، ثم اختار الإمام أحمد لنفسه قراءة مؤلفة مما قرأه على مشايخه، كان لا يميّل في اختياره شيئا من القرآن، وكان لا يدغم فيه إدغاما كبيرا (وبابه كأبي بكر)، وكان يمد فيه المنفصل مداً متوسطاً.  قال الإمام ابن قدامة في المغني (1|568): «نُقِلَ عن أحمد أنه كان يختار قراءة نافع من طريق إسماعيل بن جعفر، فإن لم يكن فقراءة عاصم من طريق أبي بكر بن عياش، وأثنى على قراءة أبي عمرو بن العلاء، ولم يكره قراءة أحد من العشرة، إلا قراءة حمزة و الكسائي، لما فيها من الكسر والإدغام والتكلف وزيادة المد». وقال الإمام أحمد بن حنبل: «قراءة أبي عمرو أحب القراءات إلي. قرأ على ابن كثير ومجاهد وسعيد بن جبير، على ابن عباس، على أُبَيّ، على رسول الله وقال: «عليك بقراءة أبي عمروٍ، لغة قريش وفصحاء العرب». وقال عن عاصم: «أهل الكوفة يختارون قراءته، و أنا أختار قراءته» (يعني من بين الكوفيين). وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي: أي القراءة أحب إليك؟ قال: «قراءة أهل المدينة». قلت: فإن لم يكن؟ قال: «قراءة عاصم». وبذلك تعلم أنه أعلم الأئمة الأربعة بالقراءات، وكان كذلك من المصنفين في فنون علوم القرآن من التفسير والناسخ والمنسوخ والمقدم والمؤخر في القرآن وجوابات القرآن. وأما علم العربية فقد قال أحمد: «كتبت من العربية أكثر مما كتب أبو عمرو الشيباني (النحوي الشهير)». ومن المشهور قول الشافعي الإمام فيما رواه عنه الربيع بن سليمان: «أحمد إمام في ثمان خصال: إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في اللغة، إمام في القرآن، إمام في الفقه، إمام في الزهد، إمام في الورع، إمام في السنة.

مرحلة نقل المذهب وتطوره

تبدأ هذه المرحلة من منتصف القرن الثالث حتى أوائل القرن الخامس الهجري وظهر في الجيلين الثاني والثالث من علماء الحنابلة من جمع هذه المسائل في كتب جامعة، ثم نسج أبواب الفقه معتمداً عليها.

ومن أشهرهم:

1-  أبو بكر الخلال(ت311هـ)، وهو أحمد بن محمد بن هارون صاحب أبا بكر المروزي، ألف كتاب : الجامع لعلوم الإمام أحمد الذي بلغ نحو مائتي جزء، وهو كتاب لم يصنف في مذهب الإمام أحمد مثله، ومن هنا بدأ ظهور الانتساب إلى الإمام أحمد، وأخذت أصول المذهب وخطوطه العريضة ومصطلحاته الدقيقة وآثاره النفيسة محل درس وتدريس واستقراء وتأليف وتقريب وتلقين، فكان لـ”لخلال” اليد التي لا تنكر في حفظ تراث الإمام أحمد الفقهي ونقل مذهبه وتطويره بعد ذلك.

2- أبو القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله المشهور بالخِرقي، تتلمذ على يد أصحاب أبي بكر المروزي، وجمع مسائل الإمام وبرع في المذهب، وكان من أوائل من وضع المتون في مذهب الحنابلة .

3- غلام الخلال أبو بكر عبد العزيز بن جعفر بن أحمد وصحب الخلال وخدمه حتى اشتهر بلقب غلام الخلال

مرحلة تحرير المذهب وضبطه وتنقيحه

مرحلة تحرير المذهب ابن القيم الجوزية

وتبدأ من أوائل القرن الخامس حتى منتصف القرن التاسع الهجري واستقر في هذه المرحلة والمذهب من حيث المسائل الفقهية، لكن كان يحتاج إلى مزيد من ضبط وتحرير وتنقيح، واستيعاب لمسائل أبواب الفقه الفرعية التي تخرج على المسائل المروية عن الإمام وعلى أصول المذهب وهنا جاء دور كثير من محققي المذهب الذين خدموه بالتصنيف في الفقه والأصول وتأليف المتون والشروح عليها، والترجيح والتخريج من أبرزهم:

من طبقة المتوسطين

1- القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين الفراء (و 380هـ) انتهت إليه رياسة المذهب وله كتب كثيرة في الفقه والأصول وتنقيحات وتخريجات وترجيحات والتي اعتمد عليها محققو المذهب من بعد

2- أبو الخطاب الكلوذاني محفوظ بن أحمد بن الحسن وهو المتتلمذ على القاضي أبي يعلى، برع في الفقه والأصول و صنف كتب كثيرة أيضاً

3- ابن عقيل أبو الوفاء على بن عقيل بن محمد (432-513هـ)، تتلمذ على القاضي أبي يعلى، خدم المذهب خدمات جليلة و كان من علماء الحنابلة المحققين.

4- ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، وهو من نسل أبي بكر الصديق، (510-597هـ)، برع في العلوم كافة، فكتب في علوم الإسلام عامة وله مؤلفات كثيرة في خدمة المذهب الحنبلي خاصة

وهذه المرحلة هي التي كان فيها كثير من أئمة الفقه الحنبلي، وأبرز من أثر في أوائل هذه الطبقة في صياغة المذهب هم  القاضي أبو يعلي (وكان يميل إلى الحشو والتجسيم)، وابن عقيل (وكان يميل إلى الاعتزال ثم رجع عنه)، وأبو الخطاب الكلوذاني، وهم يعتمدون كثيراً على ذكر المسائل عن أحمد، لكن الملاحظ أنهم ليسوا أصحاب استقراء تام لنصوص أحمد، بمثل ما هم أصحاب تخريج، ولهذا كان للقاضي أبي يعلى أخطاء كثيرة على الإمام أحمد سواء في باب الاعتقاد، أو في أصول الفقه، أو في المسائل الفقهية. وقد أدى انتشار كتبه إلى انتشار تلك الأغلاط، ودخولها على المتأخرين.

من المتأخرين

5- ابن قدامة، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد المقدسي،(541-620هـ)، وانتهت إليه رياسة المذهب الحنبلي في عصره، وأهتم بالتصنيف في الفقه والأصول، وبشرحه متن الخرقي، الشرح المعروف باسم المغني، كانت له متون فقهية لاقت اهتمام الحنابلة من بعده، فقاموا بشرحها في شروح كثيرة، وكانت له اليد الطولى في استقرار المذهب وشموخه ودوامه 6-  المجد أبو البركات، مجد الدين، عبد السلام بن عبد الله بن تيمية المولود بحران (590هـ)، له في فقه الحنابلة مصنفات متعددة من أشهرها كتابه المحرر، وله ترجيحات مقدمة عند الحنابلة المتأخرين، وهو المجد هو جد ابن تيمية.

7- شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام، الملقب بابن تيمية الحراني ـ رحمه الله تعالى ـ (661-728هـ) تعلم العلم ودرس الفقه الحنبلي وبلغ الإمامة في فروع الدين، حتى تأهل للفتوى وهو دون العشرين من عمره، صنف كتبا متعددة في الفقه وأصوله، منها شرح العمدة لابن قدامة، وله اجتهادات عدة في هذ المذهب

ولكن  من أهم الانتقادات التي وُجهت إلى ابن تيمية الذى يعد المرجع الأكبر لكافة أفكار جماعات الإسلام السياسي، أنه يرجّح في المذهب الحنبلي ليس بناءً على الروايات عن أحمد، ولا بناءً على تقريرات الأصحاب واختيارات الخرقي، بل بناء على اجتهاده الشخصي، وإن كان خلاف المنصوص عن أحمد

و مثالاً على ذلك ما قاله ابن تيمية في الفتاوى (22|116): «وأما صلاة الرجل بادي الفخذين، مع القدرة على الأزار، فهذا لا يجوز ولا ينبغي أن يكون فيه خلاف، ومن بنى ذلك على الروايتين في العورة – كما فعل طائفة – فقد غلطوا، ولم يقل أحمد ولا غيره: أن المصلي يصلي على هذه الحال كيف وأحمد يأمره بستر المنكبين؟ فكيف يبيح له كشف الفخذ؟.

فرد عليه قال الحافظ ابن رجب في فتح الباري في شرح صحيح البخاري (2|412): «فأما الصلاة فمن متأخري أصحابنا من أنكر أن يكون في صحة الصلاة مع كشفها عن أحمد فيها خلاف، قال: لأن أحمد لا يصحح الصلاة مع كشف المنكب، فالفخذ أولى، وقال: لا ينبغي أن يكون في هذا خلاف، فإن الصلاة المأمور فيها بأخذ الزينة (…) يكتفي فيها بستر العورة. والمنصوص عن أحمد يخالف هذا، قال مهنا: سألت أحمد عن رجل صلى في ثوب ليس بصفيق؟ قال: “إن بدت عورته يعيد، وإن كان الفخذ فلا”. قلتُ لأحمد: ما العورة؟ قال: “الفرج والدبر“.

8- أبو عبد الله محمد بن بكر بن أيوب المشهور بابن قيم الجوزية لأن أباه كان ناظراً على مدرسة الجوزية (691-751هـ)، وتتلمذ على ابن تيمية ووافق على اجتهاداته ونصر المذهب الحنبلي وله فيه كتب، من أشهرها كتابه إعلام الموقعين

مرحلة استقرار المذهب

وتبدأ من منتصف القرن التاسع حتى نهاية القرن الرابع عشر الهجري، واستقر فيها المذهب تمامًا، وقام متأخرو المذهب مثل أسلافهم في التصنيف من غير تحرير أو تخريج إلا نادرًا، ولكن تميزت هذه الفترة ببيان ما استقر عليه المذهب من روايات وأوجه في مقابل الروايات والأوجه التي خالفها جمهور الحنابلة

أبرز علماء هذه المرحلة

1- الإمام المرداوي، علاء الدين أبو الحسن على بن سليمان بن أحمد (818-885هـ)، وله كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف وهو من أجل المصنفات التي حررت روايات المذهب وأوجهه وترجيحاته، بل هو عمدة المتأخرين ممن كتب وصنف وألف في مذهب الحنابلة وأفتى وحاضر

2- يوسف بن عبد الهادي (ت909هـ)، أشهر كتبه كتاب مغني ذوي الأفهام، وله كتاب في القواعد الفقهية

3- الإمام الحجاوي صاحب زاد المستقنع

4- الإمام الفتوحي الذي جاء بكتاب منتهى الإرادات، وشرحه بنفسه

5- الإمام البهوتي (ت1051هـ)، له جهد كبير في خدمة المذهب ولمؤلفاته القبول عند متأخري الحنابلة

6- الإمام عبد القادر بن مصطفى الدمشقي المعروف بابن بدران (ت1346هـ) له كتاب المدخل إلى مذهب الإمام احمد بن حنبل وله حواش على الروض المربع وعلى شرح المنتهى للبهوتي وله في أصول الفقه نزهة الخاطر العاطر شرح روضة الناظر لابن قدامة

ويعتمد المذهب الحنبلي على الأصول الخمسة وهي بالترتيب

1- الكتاب والسنة

كان يفتي بموجب النص من كتاب الله، أو من السنة ولا يلتفت إلى ما يخالفه ولو كان قول صحابي جليل.

 مثال: لم يلتفت الإمام ابن حنبل إلى قول معاذ ومعاوية ـ رضي الله عنهما ـ بتوريث المسلم عن الكافر لصحة الحديث المانع من التوارث بينهما

2- الإجماع

وأنواع الإجماع عند الحنابلة

الإجماع العام: وهو مثل إجماع المسلمين على فرضية الصلاة والصوم والزكاة والحج.

الإجماع الخاص وهو قول الصحابي: إذا اشتهر بين الصحابة وأقروه على ذلك ولم ينكر عليه أحد منهم، مثل ما روي عن عمر ـ رضي الله تعالى عنه ـ أنه جلد الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة ثمانين جلدة، جلدهم حد القذف، فأقروه على ذلك، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة

مسألة (عدم العلم بالمخالف) كان المقدم عند الإمام الكتاب والسنة والإجماع، ثم يأتي في الدرجة الثانية قول الصحابي الذي لم يعلم له مخالف، وهذا لا يعد من قبيل الإجماع عنده

3- فتاوى وأقوال الصحابة

في حالة عدم وجود نص أو إجماع كان الإمام أحمد إذا وجد لبعض الصحابة فتوى لا يُعرف له فيها مُخالف أخذ بها، ولا يعدل بها شيء، ولم يقدم على هذه الفتوى رأياً ولا قياساً

وإذا اختلف الصحابة تخير من أقوالهم ما كان أقربها إلى الكتاب والسنة ولم يخرج عن أقوالهم،  فإن لم يتبين له موافقة أحد القوال حكى الخلاف في المسألة، ولم يجزم بقول من هذه الأقوال.

4- القول بالمرسل

كان يقول بالحديث المرسل وقدمه على القياس إذا لم تتوفر الأصول السابقة

المقصود بالمرسل عند الإمام:

ما كان من جنس الحسن لغيره أو الحديث الذي فيه ضعف إلا أن الضعف فيه غير شديد

شروط الحديث المرسل الذي يأخذ بها الإمام أحمد:

1-      ألا يكون المرسل ضعيفا

2-      موافقة المرسل لفتاوى العلماء

3-       موافقة المرسل إلى مثله من الأحاديث المرسلة التي يقوي بعضها بعضاً

5- القياس

كان عند الإمام أحمد بن حنبل  في منزلة الضرورة

أصول مذهب فقه الحنابلة

اعتمدت أصول فقه مذهب الحنابلة على أربعة أشخاص هم

الأول: القاضي أبو يعلى، ومن أهم كتبه العدة

الثاني: ابن عقيل البغدادي (431-513هـ)، ومن أهم كتبه الواضح.

 الثالث: أبو الخطاب، ومن أهم كتبه التمهيد

الرابع: شيخ الإسلام ابن تيمية لكنه لم يكن ملتزماً بمذهب أحمد في تقريراته، بل يمكن القول أن له مذهباً منفصلاً عن المذاهب الأخرى، وفي كثير من اختياراته خالف اتفاق الأئمة الأربعة. كما أن له اختيارات مخالفة لما يظنه بعض الناس إجماعاً ويمكن بناء على هذا اعتبار مرحلة ابن تيمية وتلاميذه الحنابلة (مثل ابن مفلح وابن القيم وابن عبد الهادي وغيرهم) هي بداية طبقة جديدة ومرحلة مختلفة في الفقه الحنبلي. فابن تيمية لم يلتزم أبداً بترجيحات الخرقي وغلام الخلال. وبالرغم من اطلاعه الواسع على روايات أحمد وأقوال الحنابلة، فلم يلتزم بها دوماً. بل تجده أحياناً يختار أقوالاً مخالفة لنص الإمام أحمد، فتصير هذه الأقوال هي القول المعتمد في المذهب. مثل اختياره لتحريم حلق اللحية، فصار هذا المعتمد عند تلاميذه، مع أن كل جاء قبله نص على الكراهية، وهو المنصوص عن أحمد. وقد أوضحنا هذا بمثال ظاهر.

وبالنظر إلى ما سبق

 نجد أن المذهب مر بمراحل انتقل فيها من طور إلى طور في التصحيح والاجتهاد، والمتابعة والتقليد فمثلا: فـ”الخلال” لا يقارن بأي حال مع ابن حامد مع أنهما في طبقة واحدة، وكذاك في الطبقة المتوسطة نجد هناك اختلافاً كثيراً في علماء زمانهم، وهذا إنما يشير إلى أن أكثر المؤلفين في هذه الفترات لا يمثلون جميع الطبقة التي يعيشونها، بل يمثلون اجتهادهم في تصحيح المذهب في الجملة، فتصحيحات المرداوي ليست على كل حال هي المذهب عند المتأخرين، بل العمدة عند المتأخرين على ما في الإقناع والمنتهى.

أماكن الانتشار

المذهب الحنبلي  قليل الانتشار بشكل عام، وإن كان يتواجد في نجد والخليج ومصر والشام وتعود أسباب قلة انتشار المذهب الحنبلي الى مايلى

1-إنه آخر المذاهب الأربعة وجوداً.

2- أن الإمام أحمد وأتباعه من بعده لا يقربون السلطان ولا يحبون الولاية ولا يسعون إليها ولا يريدونها، تقليداً لإمامهم واتباعاً لمسلكه،

3-عدم تولي الحنابلة القضاء قد كان سبباً في قلة ذيوع المذهب الحنبلي بين العامة.

4-  أن البلاد الإسلامية عندما أخذ ذلك المذهب يذيع وينمو قد اعتنقت مذاهب مختلفة، فالمذهب الحنفي كان في العراق، والشافعي كان في الحجاز وتهامة والشام ومصر، والمالكي كان في المغرب وغير ذلك، وقد جاء الإمام أحمد بعد هؤلاء الأئمة، فجاء مذهبه بعد مذاهبهم، انتشاره في العراق ثم اندثاره.

وعلى الرغم من ذلك فأن  المذهب الحنبلي انتشر  في أول أمره في العراق وبعض بلاد ما وراء النهر، وكانت له في بعض الأوقات غلبة في بغداد، ولكن لم تلبث أن ضعفت بسبب الفتن التي كان يثيرها تشدد بعض الأتباع من العامة، واتخاذ العنف سبيلاً لإظهار ذلك، ثم قل المقلدون له.

وفي مصر لم يظهر المذهب الحنبلي في مصر إلا في القرن السابع الهجري، ولقد قال الإمام السيوطي في الحنابلة: «وهم بالديار المصرية قليل جداً، ولم أسمع بخبرهم فيها إلا في القرن السابع وما بعده، وذلك أن الإمام أحمد رضي الله عنه كان في القرن الثالث، ولم يبرز مذهبه خارج العراق إلا في القرن الرابع، وفي هذا القرن ملك العبيديون مصر، وأفتوا من كان بها من أئمة المذاهب الثلاثة قتلاً ونفياً وتشريداً، وأقاموا مذهب الرفض والشيعة، ولم يزولوا منها إلا في أواخر القرن السادس، فتراجعت إليها الأئمة من سائر المذاهب، وأول من علمتُ من الحنابلة حلوله بمصر الحافظ عبد الغني المقدسي صاحب العمدة».

محمد ابن عبد الوهاب مؤسس الوهابية

وقد كان كثير من علماء الحنابلة يأوون إلى دمشق وغيرها من الأمصار الإسلامية، وأولئك هم الذين قاموا على ذلك المذهب وخدموه ونقلوه وفسروه وأكثروا من تخريج المسائل عليه

وشهدت منطقة نجد من القرن الثامن إلى القرن الثاني عشر الهجري انتشار المذهب الحنبلي فيها، وقد شهد القرن العاشر الهجري بروز عدد من العلماء الحنابلة الذين كان لبعضهم إسهامات علمية في الفقه الحنبلي، إلا أن مرحلة نهضة المذهب الحنبلي في العصر الحديث ارتبطت باسم محمد بن عبدالوهاب (المتوفى سنة 1206هـ)، وقد قام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى بدعم الدعوة الوهابية ومناصرتها، حتى أصبح المذهب الحنبلي المذهب الرسميّ للدولة السعودية، وكان من وسائل انتشار المذهب الحنبلي كثرةُ المؤلفات والرسائل التي أعدّها علماء نجد لبيان ما عليه الدعوة الوهابية التي خرجت من نجد.

ولم يكن المذهب الحنبلي منتشراً في إقليمي الحجاز وتهامة، وذلك لأن الأماكن الإسلامية المقدسة كانت حقولاً علميةً مناسبةً لالتقاء جميع المذاهب الإسلامية، ومن المرجّح أن تكون نجد هي الموطن الأساسي للمذهب، ومنها انتشر في جزيرة العرب، ومن المرجّح أيضًا أن المذهب أخذ شهرته في نجد عن طريق الشام. وقد كانت أجزاء المملكة العربية السعودية في مطلع القرن الرابع عشر الهجري تنتشر فيها المذاهب الفقهية الأربعة، حيث يتّبع أهل الأحساء المذهب المالكي بشكل عام، تبعًا لانتشاره في الخليج العربي، ويوجد المذهب الشافعي في تهامة، وتجتمع المذاهب الأربعة في الحجاز وتهامة حيث الحرمان الشريفان في المدينة ومكة، أما المذهب الحنبلي فيكاد ينحصر في نجد.

كما أن للحنابلة وجوداً في عُمان، حيث يتركز وجودهم في منطقة جعلان، وكذلك لهم وجود في بعض قرى البريمي، وقد دخل المذهب الحنبلي إلى الكويت عن طريق الأسر النجدية التي نزحت إلى الكويت، وكذلك بسبب الصلات العلمية والتجارية.

الأزهر والمذهب الحنبلي

يقوم منهج الأزهر في جانب الفقه الإسلامي في الأساس على التعدد، من خلال تدريسه للمذاهب الفقهية التي تلقتها الأمة بالقبول ومنها المذهب الحنبلي

 وقد انتهج الأزهر الشريف في دراسة الفقه الإسلامي منهج التدرج، الذي انتهجه في جميع دراسته، ولا تقف الدراسة في الأزهر عند حدود المذاهب الأربعة، بل يضم إليها المذاهب الفقهية الأربعة الثانوية، والتي هي: الزيدية والإمامية والإباضية والظاهرية، والتي يجتمع منها ومن المذاهب الفقهية الأربعة الكبرى (الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة) مجموع المذاهب الثمانية، التي يتعبد بها جميع المسلمين علي ظهر الأرض، مع بعض الأقوال والآراء المنقولة عن المجتهدين الذين لم تنتشر مذاهبهم، كالإمام الأوزاعي والليث وداود وغيرهم من المجتهدين.

وأكد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر أن السلفيين الجدد هم “خوارج العصر”، وأن جمهور المسلمين لم يكونوا على هذا المذهب لأنهم كانوا إما مالكية أو شافعية أو أحنافًا، وإما حنابلة وأن السلف أو السلفية ليس مذهبًا أو مدرسة، كما أن كلمة السلف لم ترد في القرآن الا في موضع واحد وجاء أيضا في موضع الذم، ووردت في مواضع أخرى ولكن كفعل، كما انه لا يوجد حديث عند النبي صلي الله عليه وسلم يقول: “انه لو وجدتم اختلافا فعليكم بمذهب السلف” ولكن الحديث يقول “اذا وجدتم اختلافاً فعليكم بالجماعة” وهناك الكثير من الاحاديث التي تحث علي اتباع الجماعة وسنة النبي وسنة الخلفاء الراشدين من بعده.

وأوضح أن من يقول إن الصلاة في المساجد التي بها أضرحة باطلة، ويطالب بتقصير الثياب ويدعي أن باقي المذاهب فاسقة ومبدّعة، فهو ليس مذهباً للسلف ولكنه مذهب “الغلاة”.وهم ما كانوا يسمون ب‍‍ـ “غلاة الحنابلة في الماضي” والذين كانوا تابعين للإمام أحمد بن حنبل والذين انشقوا عنهم، مضيفا ان الحنابلة انفسهم ارشدونا بالا نصدق هؤلاء لانهم لا ينتمون الي الامام احمد بن حنبل ولكنهم نجسوا وغيروا هذا المذهب كما يغير ماء البحر.

وأشار الطيب إلى أن كثيرًا من المقولات التي نسمعها من الذين ينتمون إلى المتشددين والغلاة من السلفيين تثبت انهم ينتمون لغلاة الحنابلة ولا ينتمون إلى السلف الصالح، فهناك تدليس وغش في استخدام مصطلح السلفيين قائلا: إن كل الأزهر ينتمي للسلف الصالح.

الدكتور سعد الدين الهلالي

الدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر يؤكد على ان  المذهب الحنبلي سائدا في الجزيرة العربية،  وقليل في مصر فيما تعتمد لجنة الفتوى بالأزهر الشريف المذهب الحنفي في الرد على العديد من الامور الفقيه مع المذهب الثلاث الاخرى ومنها   بأن النقاب من الإسلام وليس ببدعة منكرة، وأنه محل خلاف بين الفقهاء من حيث وجوبه أو عدم وجوبه، مدللة بآيات من القران الكريم وأحاديث من السنة النبوية وأراء المذاهب الأربعة، واعتمدت المذهب الحنبلي الذى قال فيه  الإمام أحمد ابن حنبل  كل شيء منها أي من المرأة الحرة عورة حتي الظفر “جملة واحدة“.

وأن الفقهاء  الاربعة ومنهم ابن حنبل متفقون على وجوب تغطية المرأة لبدنها عن الأجانب، سواء منهم من يري أن الوجه والكفين عورة كالحنابلة وبعض الشافعية، ومن يري أنهما ليسا بعورة كالحنفية والمالكية، وجمهور الشافعية لكنهم يوجبون سترهما عند خوف الفتنة “خاصة إذا كانت المرأة علي قدر كبير من الجمال والفتنة”، وخاصة في هذا الزمان وذلك لفساد أكثر الناس ورقة دينهم وعدم تورعهم عن النظر إلي وجه المرأة الذي هو مجمع المحاسن ومعيار الجمال ومصباح البدن.

وأكدت اللجنة أنه مما سبق يتبن أن النقاب من الإسلام بدليل أقوال الفقهاء وليس عادة، وأنه ليس ببدعة منكرة، وأنه محل خلاف بين الفقهاء من حيث وجوبه وعدم وجوبه، وأن رأي جمهور الفقهاء يجيز كشف الوجه والكفين والآخر يوجب النقاب.

واعتمد علماء الأزهر رأي الأئمة الأربعة في حكم اللحية وما قاله جمهور الفقهاء من أحناف ومالكية وحنابلة، وقول عند الشافعية على وجوب إعفاء اللحية وحرمة حلقها، وما أقره الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق بأن الحق أن الفقهاء اتفقوا على أن إعفاء اللحية، وعدم حلْقها مأثور عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد كانت له لِحيةٌ يُعنَى بتنظيفها وتخليلها، وتمشيطها، وتهذيبها لتكون متناسبة مع تقاسيم الوجه والهيئة العامة، وقد تابع الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما كان يفعله وما يختاره.

انتقادات المذهب الحنبلي

انتقادات المذهب الحنبلى حسن ابن فرحان

يقدم الباحث “حسن بن فرحان المالكي” في كتابِه (قراءة في كتب العقائد.. المذهب الحنبلي نموذجًا) الصادر عام 2000، سياقًا تاريخيًا لنشأة المدرسة الحنبلية وفي نقده لظاهرة التكفير في العقيدة الحنبلية، يؤسس  لمنطلق علمي وديني في التعاطي مع الاختلافات العقدية بين المسلمين، وحسب رأيه (لا يجوز تكفير المسلم الذي يشهد ألا لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله ولم ينكر شرائع الاسلام الظاهرة المعلومة من الدين بالضرورة كالصلاة والصوم والزكاة والحج ولم ينكر تحريم المحرمات المعلومة من الدين بالضرورة كالكذب والخيانة والظلم والزنا والسرقة، كما لا يجوز تبديعه ولا شتمه ولا لعنه.

وذكر مثال من المحسوبين على المذهب الحنبلي ومنهم الحسن البربهاري إمام الحنابلة في عصره (ت 329هـ) حيث قال في مقدمة كتابه (شرح السنة):(اعلموا أن الإسلام هو السنة والسنة هي الإسلام)، وقال في (ص 109) مكفرًا كل من خالف شيئاً مما ألفه في كتابه شرح السنة :(فإنه من استحل شيئاً خلاف ما في هذا الكتاب فإنه ليس يدين الله بدين وقد رده كله) وشبّه كتابه ـ الجامع للبدع والأحاديث الموضوعة والأقوال الباطلة ـ بالقرآن الكريم عندما قال:(كما لو أن عبداً آمن بجميع ما قال الله الا أنه شك في حرف، فقد ردَّ جميع ما قال الله وهو كافر).

ولم يكن البربهاري وحده المكفّر الحنبلي الوحيد، بل تتلوه أسماء لامعة في الخط الحنبلي، ومن بينهم ابن تيمية الذي رغم أنه تاب من تكفير المسلمين من الفرق المخالفة كما نقل عنه الذهبي الا أن التأصيل للتكفير موجود في كلامه عندما بالغ في التفريق بين توحيد الربوبة وتوحيد الألوهية فهوّن من شأن الأول وبالغ في شأن الثاني، والتفريق نفسه ـ على حد المالكي ـ تفريق مبتدع ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله ولم يقل بهذا التفريق أحد من الصحابة ولا التابعين. وبالرغم من أن ابن تيمية  يدعو لهجر الكلام والفلسفة وعرض الدين من النصوص الشرعية بينما هو هنا يأتي بشي لم يؤثر في كتاب الله ولا سنة رسوله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) فقد كان النبي (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) يدعو الناس الى الشهادتين ونبذ عبادة الأوثان وتأدية أركان الاسلام كما في حديث معاذ بن جبل في بعثه الى اليمن

وان  ابن القيم  المقلد لابن تيمية والناشر لعلومه، الذي لم تسلم مؤلفاته وأبحاثه من التكفير إن لم يكن كثيراً من المسلمين فبعضهم. فعلى سبيل المثال يلحظ المالكي أن ابن القيم يعقد فصلاً في نونيته بعنوان (فصل: في بيان أن المعطل مشرك ) ويقصد بالمعطلة هنا ما ذكره الشارح الدكتور محمد خليل هراس: بأنهم (الفلاسفة، والمعتزلة، والأشعرية، والقرامطة، والصوفية) فهناك خلط بين القرامطة والأشعرية!! فضلاً عن الخلط بين المعتزلة والقرامطة!! يقول ابن القيم ـ رحمه الله وسامحه ـ في قصيدته النونية:

لكن أخو التعطيل شر من أخي

الإشراك بالمعقول والبرهان

إن المعطل جاحد للذات او

لكمالها هذان تعطيلان

والمشركون أخف في كفرانهم

وكلاهما من شيعة الشيطان

ومن العيوب التي رصدها المالكي من خلال كتب العقائد الحنبلية هي الظلم مثل قول غلاة الحنابلة:

ـ المرجئة مثل الصابئين

ـ المرجئة يهود

ـ الرافضة أكفر من اليهود والنصارى!!

ـ المعطلة أكفر من المشركين

ـ المرجئة والقدرية ليس لهما نصيب في الإسلام!!

ـ الحنفية كاللصوص

ـ وصم المتأولين للنصوص كالأشاعرة وغيرهم بـ (الملحدين) ومخانيث المعتزلة.

ـ الجهمية كفار

ـ القدرية كفار

ـ الرافضة كفار

ـ القدرية مجوس.

ـ إنكارهم لفضائل المخالفين بأنهم لا يعرفونهم بطلب العلم ولا بضبط الرؤية ولا صلاح السيرة ولا تجنب الكبائر ويريدون ابطال الشريعة، والمعطلة يريدون نفي وجود الإله.. الخ.

الكتاب و السنة

وعلى العكس من إجماع المسلمين قاطبة على اعتبار الكتاب والسنة هما المرجعية النهائية في كل نازلة واختلاف، فإن غلاة الحنابلة او السلفية يشترطون شروطاً ليس لها نصيب في هذين المصدرين، فزادوا على ذلك شرطاً آخر ومنحوه سلطة تفوق الكتاب والسنة. يقول المالكي (فلما رأى أصحاب العقائد ومنهم السلفية الحنابلة ان العودة للكتاب والسنة سيلغي أكثر الشتائم والتكفيرات والتبديعات والمخالفات الموجودة في كتب العقائد لجاؤا الى الزيادة على ما ذكره الله عزل وجل بقولهم: (إن الكتاب والسنة لا تكفي فلا خير في كتاب بلا سنة ولا خير في سنة بلا فهم السلف الصالح) وهكذا نفوا الخيرية عن الكتاب والسنة بهذا الشرط البدعي الذي اشترطوه وانتقصوا به من كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم).

ويخلص المالكي  في دراسته عدة  نتائج للقراءة النقدية للتراث العقدي الحنبلي وهي

1ـ ليس لمصطلح (العقيدة) بهذا المعنى الشائع أصل لا في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا كان هذا المصطلح مستخدماً في عهد الصحابة ولا التابعين ولا كبار أئمة السلف في القرن الثلاثة الاولى.

2ـ لفظ (الايمان) هو اللفظ الشرعي المهجور، وأن العودة اليه أصبح ضرورة لإساءتنا استخدام المصطلح الأول وادخالنا في كل باطل لكن شجاعتنا في العودة للمصطلح الشرعي تحتاج لسنوات طويلة

3ـ العودة للتسمي باسم الإسلام فلا مذهب الا الاسلام ولا عقيدة غير الاسلام ولا دين الا الاسلام فمن نطق بالشهادتين موقناً بها فهو مسلم في الاصل ولا يخرج الا بارتكاب مكفر وبعد انتفاء الموانع..

4ـ بدعية التمذهب العقدي لفرقة من الفرق الاسلامية فلا يجوز الانتماء المطلق الذي يوالي ويعادي عليه الا للإسلام نفسه. ولا يجوز للمسلم أن يرى أن مذهبه العقدي يصلح بديلاً للإسلام فلا سنة ولا شيعة ولا معتزلة ولا سلفية ولا اشعرية ولا إباضية ولا صوفية.. وإنما هو الاسلام فقط.

5ـ ضرورة العودة للقرآن الكريم بما فيه من مجمل الإيمانيات (التي يسمونها العقائد) ومجمل الأوامر الظاهرة والمحرمات الظاهرة والاخلاق الواجبة وعدم الزام الناس بالمتشابه منه، ثم العودة لمتواتر السنة ثم الصحيح المشهور وترك المتنازع في المختلف فيه من السنة.

6ـ إن غلاة العقائديين يجعلون مسألة من المسائل المستحدثة أهم من أركان الاسلام كما يفعلون مع مسألة (خلق القرآن) التي كفّروا بها جميع المسلمين إلا من تابعهم وامتحنوا بها الخلق وفرقوا بها بين الأمة.

7ـ إن المبالغة في صغائر المعتقدات المرتكزة على نصوص ظنية الثبوت أو الدلالة لم يكن نتيجة لأهمية تلك العقائد المتنازع عليها وإنما نتيجة الصراعات السياسية بالدرجة الأولى، ثم الصراعات المذهبية وحب العلو في الأرض والتفرد بالزعامة نتيجة التحاسد والتنافس بين العلماء.

8- ـ تحولت العقائد الى عمل فكري محض ليس له أثر على السلوك، فاشتغل المسلمون بالأقوال دون الأفعال.

9ـ مصطلح السلف الصالح أصبح عائماً يدور مع المذهبية حيث دارت ويتم احترامهم لشخصيات السلف أكثر من احترامهم للنبي صلى الله عليه وسلم بلسان الحال. بل مخالفة بعض رموز السلف أكبر من خشية مخالفة نصوص القرآن الكريم.

السلفية والحنابلة

هناك ربط غير موضوعي  بين السلفية والمذهب الحنبلي، فالسلفية ومع تمسكها بالسلف الصالح في فهمهم للنصوص وتطبيقهم لها مما يجعلك تتيقن  أنهم  حنبلية المذهب نجد أنهم في الوقت ذاته يعتمدون على مدرسة أهل الحديث، بل إن السلفية المعاصرة كثيراً ما تبدد جهداً كبيراً في الاختلاف مع المذاهب الفقهية الثلاثة الأخرى حول مسائل فقهية صغيرة، فضلا عن تسلمها راية الخلاف المزمن مع الأشاعرة حول مسائل الأسماء والصفات والحلول والتجسيم وغيرها.

ومن يستعرض نتاج مدرسة أهل الحديث ويقارنها بما عليه السلفية المعاصرة، يجد أن ثمة فارقاً كبيراً في الفهم والتطبيق وحتى في الممارسة

ففي السياسة الشرعية تزهد السلفية المعاصرة بفقه المقاصد والمصالح المرسلة وغالباً ما تحرّم الأشياء لمجرد أنها ابتكارات حديثة، بينما نجد ابن القيم وهو حنبلي: «أينما وجدت المصلحة فثَم شرع الله”، ويقول ابن عقيل الحنبلي: «السياسة ما كان فعلا يكون الناس معه أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد، وإن لم يضعه الرسول، ولا نزل فيه وحي. فإن قول لا سياسة إلا ما نطق به الشرع فهو غلط“!

وحتى في الممارسة السياسية يجيز نجم الدين الطوفي الحنبلي تقديم المصلحة على النص إذا ما حدث تعارض ظاهر، وقد أيده ابن تيمية وهو أحد أبرز الحنابلة بهذا فقال: «لأن الشريعة مبنية على أن المفسدة المقتضية للتحريم إذا عارضتها حاجة راجحة، أبيح المحرم»!

وكذلك أجاز ابن رجب الحنبلي القرعة في الولايات، في قواعده الفقهية، وبالتالي نستطيع أن نقول إن الحنابلة أول من أجاز الحكم عن طريق الاقتراع في الفقه الإسلامي.

وفي الجهاد حرّم ابن تيمية قتال الكفار لمجرد كفرهم، على خلاف ما تعتقد السلفية المعاصرة، وبين أن الغاية هي مقاتلة المحاربين من الكفار، وأنكر نسخ آية السيف للآية الكريمة: «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا» وذلك في رسالته «قاعدة في قتال الكفار» التي أثبتها الشيخ سليمان الصنيع بينما أنكرها عدد من الفقهاء المعاصرين.

محمد عبد المقصود

وفي العبادات والمعاملات أجاز ابن تيمية حج المرأة إذا أمن الحج، بينما السلفية تحرمه، وأجاز كذلك بيع الذهب بالذهب ودفع تكلفة الصياغة، بينما السلفية تعتبره ربا، ويرى أن قراءة الإمام للفاتحة جهرا تغني عن ق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.