الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم اﻷنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم اﻷنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد،
فيقول الله تعالى: (واتقوا فتنة لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصّة واعلموا أن الله شديد العقاب)
وقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم مثلا كما جاء في الحديث الصحيح (مَثَلُ القَائِم في حُدُودِ اللَّه والْوَاقِع فيها، كَمثل قَومٍ اسْتَهَموا على سَفِينَةٍ، فَأَصابَ بَعْضُهم أعْلاهَا، وبعضُهم أَسْفلَهَا، فكان الذي في أَسفلها إذا استَقَوْا من الماء مَرُّوا على مَنْ فَوقَهمْ، فقالوا: لو أنا خَرَقْنا في نَصِيبِنَا خَرقا ولَمْ نُؤذِ مَنْ فَوقَنا؟ فإن تَرَكُوهُمْ وما أَرَادوا هَلَكوا وهلكوا جَميعا، وإنْ أخذُوا على أيديِهِمْ نَجَوْا ونَجَوْا جَميعا)
والخلاصة من الحديث أن السكوت عن إنكار المنكر يعمّم البلاء على الجميع,ولذلك فنحن حين نرى الخطأ من بعض المسلمين لا نملك السكوت عنه مهما كلفنا ذلك من الأذى أو العدوان ومهما حاول خصومنا حرفَ كلامنا عن مقصده ومراده , أو تشويهه ، فالله قد أخذ الميثاق على حملة الكتاب (لتبيننه للناس ولا تكتمونه).
وإن رسالتي هذه نصح لتنظيم الدولة، الذي ﻻزال في سفينة الأمة،لم يخرج منها ، رغم أنه يسعى في إخراج كثير من المسلمين منها، ولذلك فنحن نخاف من تجاوزاته عليه وعلى الأمة معه.ونبينا صلى الله عليه وسلم قد أوصانا فقال: (انصر أخاك ظالما أو مظلوما).
فتنظيم الدولة اليوم مظلوم باستهداف الصليبيين له ولعموم المسلمين,ولا يحل لأحد أن يظاهر الصليبين عليه ، ولكنه أيضا ظالم في عدوانه على المسلمين كما جرى في شمال الشام فقد كانت حشوده إلى عهد قريب موجهةً سلاحها ومدافعها إلى المسلمين، وإن كان ذلك قد خف من قريب فنتمنى أن يتوقف ويكف ويستمر توقفه وأن ﻻ يكون مؤقتا إلى حين أن يخف الضغط العالمي عليهم. فنحن نرى أن هذا الحشد العالمي وتسلط الظلمة عليهم بما كسبته أيديهم من ظلم للمسلمين وسفك لدماء المجاهدين وانحراف عن سياسة النبي الشرعية حتى أذعروا العالم عليهم وعلى المسلمين؟ أفلا يتقون الله ويتوبون من ظلمهم ويكفون عن المسلمين عسى الله أن يكف عنهم بأس الذين كفروا؟
وإذا كان أكثرهم يكفرون كثيرا من المجاهدين ويخونونهم ويصحونونهم بدعوى موالاة الكفار، فليتأملوا الآن رفض أكثر الفصائل لتدخل العدو الصليبي الكافر وامتناعها عن ممالأته عليهم رغم ما بين هذه الفصائل وبين تنظيم الدوله من عداوة ودماء؟ أفلا يكون في ذلك عبرة ورادع لهم عن تكفير إخوانكم ؟
فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.
ثم إني في هذه الكلمة أريد بيان حكم الإسلام في قتل بعض الرهائن من غير المسلمين بيانا للحكم الشرعي وحفاظا على صورة الشريعة أن تشوه.
فإن الذين يدخلون من غير المسلمين إلى بلاد المسلمين لأعمال إغاثية ولم تثبت عليهم جاسوسية ينبغي أن يعاملوا كالمستأمنين الذين يحرم قتلهم والتعرض ﻷموالهم وحقوقهم، ﻷن دخولهم لمساعدة ضعفاء المسلمين ورعاية مرضاهم واطعام جوعاهم مع احترامهم دين المسلمين وعدم التعرض له يجب أن يقابل باﻻحترام والتأمين كما كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يعامل كل من أعانه أو نصره من المشركين، وهذا من القسط الذي يحبه الله والذي يقتضي أن لا يُظلم أمثال هؤلاء. قال تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين).وقبل أيامٍ ذبح تنظيم الدولة رهينة بريطانيا قالت الصحافة أنه كان يعمل في الحقل الإغاثيّ. وبغض النظر عن مصداقية ذلك فإن الذبّاحين هددوا في المقطع المصور نفسه أن يذبحوا بريطانيًا آخر هو (ألن هيننغ). والمعلومات التي وصلتنا تؤكد أن هذا الرجل كان سائقا متطوّعا في قافلة إنسانية بعثتها جمعية خيرية في بريطانيا اسمها جمعية (الفاتحة) كانت قد أرسلت إلى سوريا من قبل عدة قوافل إنسانية محملة بالأدوية وغيرها من المواد الاغاثية للشعب السوري, وقد اطلعنا على صور لعمل هذه الجمعية الإغاثي وعمل هذا الرجل معها معها ، وأخبرني قتادة ابن الشيخ أبي قتادة الفلسطيني فك الله أسره أن والده كان قد راسل تنظيم الدولة من ثمانية شهور كي يطلقوا سراح هذا الرجل ولم يحصل، بل أنكروا وجوده عندهم. ثم بعد ذلك تفاجأنا في شريط ذبح البريطاني الاول أنهم هددوا بذبح هذا الرجل. وقد ذكر لي قتادة أن هذه الجمعية التي جاء البريطاني ضمن قافلتها يقوم عليها رجل مسلم يعرفه هو الآن معتقل في بريطانيا بسبب إرساله مثل هذه القوافل.فنقول لجماعة الدولة أنِ اتقوا الله في المسلمين واتقوا الله في الجهاد والمجاهدين, فالمسألة ليست مسألة بريطاني أو دفاعا عن بريطانيا – كما سيصورها بعض السفهاء– فنحن لا ننحاز إلى بريطانيا ولا ندافع عنها فقد قتلت بريطانيا من المسلمين الألوف وظلمت الملايين بزرعها الكيان اليهودي في قلب بلاد المسلمين- ولكن المسألة مسألة دفاع عن الإسلام والجهاد من أن يُشوَّه. فالنبي صلى الله عليه وسلم قال : (المسلمون تتكافأ دماؤهم ، يسعى بذمتهم أدناهم ، وهم يد على من سواهم). وهذا الرجل البريطاني جاء متطوعا مع جمعية خيرية القائمون عليها من المسلمين. فينبغي أن يحترم هؤلاء المسلمون ويترم تأمينهم لهذا الرجل الذي جاء لمساعدة وإغاثة الشعب السوري, وقد أمَّنه المسلمون الذين جاء معهم وأمَّنه المسلمون في الشام إذ دخل أراضيهم بإذنهم. فهل يُعقل أن يكون جزاؤه الخطف والذبح؟! وقد جاء لمساعدة المسلمين وإغاثتهم وهذا كاف ليقابل بالشكر ﻻ بالذبح أوبالظلم الذي لا يحبه الله؟
فعلى تنظيم الدولة -إن أرادوا أن يرفع الله تعالى عنهم الظلم المتألّب عليهم اليوم ويعينهم على الحشود الصليبية التي تُحشد عليهم وعلى المسلمين اليوم – أن يرفعوا الظلم عن المسلمين والمجاهدين عموما ويكفّوا مدافعهم وأسلحتهم عن أن توجّه إلى صدور المجاهدين وأن يوجهوها إلى أعداء الله وأيضا أن يرفعوا الظلم عن الإغاثيين مهما كانت جنسياتهم و ألا يأخذوا الرجل لانتسابه إلى دولة ظلمت المسلمين دون أن يُنظر في حال الشخص وتعرف حقيقته, فهذا رجل مسالم مغيث للمسلمين لا شأن له بظلم الدولة التي ينتسب إليها واعتدائها على المسلمين, فيجب عليهم وعلى المسلمين كافة أن يميزوا بين أمثال هؤلاء الذين ما جاؤوا ليعتدوا على المسلمين وبين المعتدين، كما ميّز نبينا صلى الله عليه وسلم بين عقبة بن أبي مُعيط المحارب المعتدي وأمثاله وبين المطعم بن عدي المناصر والمغيث رغم أن كلا الرجلين كانا مشركين من عبدة الأوثان.ومن لم يميّز في جهاده بين هذا وهذا وأخذ الجميع دون تفريق فهذا ليس من المجاهدين لا والله ليس من المجاهدين! بل هو من أعداء الجهاد الذين يعملون على تشويهه والصد عنه علم أم لم يعلم. وليتذكر المسلمون أن الجهاد وسيلةٌ لرفع راية التوحيد فحذارِ أن يجعلوا هذه الوسيلة أداة لتشويه هذه الراية والصد عنها, لذلك فنحن ننكر خطف أمثال هؤلاء الموظفين الإغاثيين الذين يعملون في سوريا اوفي غيرها من بلاد المسلمين, وحكم أمثالهم أن يُؤمّنوا -ما لم يثبت عليهم خلاف ذلك من كونهم جواسيس أو معتدين- فالأصل تأمينهم بل وشكرهم وعدم التعرض لهم.والنبي صلى الله عليه وسلم قال : (من ﻻ يشكر الناس ﻻ يشكر الله)
ولذلك فنحن ندعوا تنظيم الدولة إلى إطلاق سراح هذا الرجل وأمثاله من موظفي الإغاثة عموما ممن يدخلون بلاد المسلمين بشبهة أمان ضِمن جمعيات إغاثة ولجان مساعدة للشعب السوري أو غيره، وذلك انقيادا للحكم الشرعي وتأسيا بالهدي النبوي مع من يعين وينصر المسلمين، ودفعا للظلم وعملا بالقسط وحفاظا على سمعة الجهاد والمجاهدين. عسى الله أن يكف ببركة ذلك عن المسلمين بأس الذين كفروا ويهزم أحزابهم وحشودهم . وأسال الله تعالى أن يهدينا وإياهم سواء السبيل وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
إرسال تعليق