كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن تخوف المنظمات الحقوقية من تراجع الدولة عن مكتسبات العمل الحقوقي و الحرية الملازمة له حتى سار الكلام ، من جهة بعض الجمعيات،
ريحانة برس/
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن تخوف المنظمات الحقوقية من تراجع الدولة عن مكتسبات العمل الحقوقي و الحرية الملازمة له حتى سار الكلام ، من جهة بعض الجمعيات، عن نية في حصار الحقوقيين و تكميم أفواههم لتبقى الساحة مفتوحة على تجاوزات لا يتم التصدي لها.
ولعل تصريحات وزير الداخلية في البرلمان و اتهامه بعض الجمعيات الحقوقية بخدمة أجندة خارجية لتشويه صورة المغرب، المؤشر الرئيسي الذي دفع هاته الجمعيات للتحفظ تجاه تصريحات وزير الداخلية و قيادة حملة تدفعه للاعتذار عما نبع عنه من مواقف توحي بنية هجمة شرسة آتية يتم الآن تحضير الرأي العام لتقبلها.
كما أن الكثير من الضغوطات التي مورست على صحافيين و إعلاميين ساعدت على تكوين هذه الصورة لدى الناشطين الحقوقيين و تعميق تخوفاتهم بهذا الشأن.
نبدي ملاحظتين رئيستين أمام هذا الموضوع:
1- الحديث عن عدم استقلالية الفعل الحقوقي بالمغرب ليس جديدا ذلك أن الفاعلين الحقوقيين بالمغرب، في غالبيتهم، مرتبطون بتنظيمات سياسية وحزبية جعلت من هيآتهم تنظيمات موازية و أدوات لتفعيل إستراتيجية فعلهم مما يمكن القول معه أن العمل الحقوقي لا يأخذ مسافة ضرورية من الفعل السياسي و من النزعات الإيديولوجية لأصحابه، ولا يعني ذلك أن العمل الحقوقي في التجربة الحالية، لا يقدم خدمة إيجابية للمجتمع لاسيما في الدفاع عن المواطنين تجاه الدولة التي قد تلجأ بعض أجهزتها إلى تجاوزات حقوقية واضحة وبمبررات عديدة. فلحد الآن ليس هناك فاعلون حقوقيون بعقيدة حقوقية صرفة لكن أغلبهم بتجربة سياسية و بانتماءات حزبية و إيديولوجية لا تسمح لهم بالتجرد المطلق في نضالهم الحقوقي. و أن الواقع السياسي و الاجتماعي يحتاج إلى جيل من الحقوقيين الذي يغلبون النضال الحقوقي و يحمونه من التدخل السياسي وحساباته المتعددة. و في المقابل، تصر الدولة على إلصاق التهمة بالحقوقيين و تقديمهم للرأي العام على أن لهم أهداف ليست بالتي يعلنونها في أديباتهم و خطاباتهم كما تتهمهم بتلقي الدعم المالي من منظمات دولية لتقوية مواقعهم في صراعهم مع الدولة. ففي هذا الإطار، للدولة الإمكانيات للتدقيق في هذا التمويل و معرفة أوجه استغلاله كما في حالة الجمعيات التي تشتغل في مجالات التنمية الاجتماعية و المحلية.
2- هناك سياق سياسي يمر منه المغرب أهم عناصره:
أ. وجود الآلاف من الشباب المغاربة يقاتلون إلى جانب “تنظيمات جهادية” بكل من سوريا و العراق وما يمثله ذلك من تخوفات و تحديات وجب التصدي لها بحزم و يقظة. وخطاب الدولة ماض في اتجاه تنبيه الفاعلين الحقوقيين إلى أن أولوية المغرب هو هذا الملف الشائك وربما يتطلب الأمر الإقدام على خطوات من قبيل اعتقالات واسعة يجب تقبلها دون تشكيك لأن المسالة ذات حساسية مفرطة و تشمل أمن النظام و المجتمع على حد سواء. و في المقابل، يطالب الحقوقيون أجهزة الدولة باحترام حقوق الإنسان ومنها حرية التعبير في التعاطي مع هذا التحدي حتى لا تتكرر التجاوزات التي ارتكبت إبان الأحداث الأليمة في 16 ماي 2003.
ب. الاستعداد للاستحقاقات السياسية و الانتخابية المقبلة مما يتطلب انخراط الطبقة السياسية في ذلك دون تشويش و الخضوع لما تطرحه وزارة الداخلية دون البحث عن تغييرات عميقة في منظومة القوانين التي تأطر هذه الانتخابات. وفي تصريحات وزير الداخلية إشارات واضحة إلى البرلمانيين بتفهم الظروف الحالية و عدم تضييع الوقت في متاهات قد تلهي المغرب عن مساره الصحيح.