يقوم الخطاب العلماني على تزكية فكره و تحسين صورته بكل الوسائل المتاحة له، و ذلك قصد جلب قاعدة جماهيرية قوية يستند إليها و يتكئ عليها في تمرير طرحه،
يقوم الخطاب العلماني على تزكية فكره و تحسين صورته بكل الوسائل المتاحة له، و ذلك قصد جلب قاعدة جماهيرية قوية يستند إليها و يتكئ عليها في تمرير طرحه، نقتبس من ذلك نصا للعلماني علي حرب يعترف للنخبة العلمانية الحداثية بذلك و يجعله شعارا و سمة بارزة لهم، يقول: “يتكلم (أي العلماني الحداثي)على أشكال التسلط أو على آليات التلاعب بالحقيقة؛ أعني: انه يخفي حقيقته و سلطته، و يتستر على فعله و أثره، ويتناسى مخاتلته و ألاعيبه، و هكذا فالمثقف يعلن انحيازه إلى المقهورين في مواجهة سلطة القهر، فيما هو يشكل سلطته و يمارس سيطرته، أو يعلن أن شاغله هو كشف الحقائق فيما هو يصنع حقيقته عبر نصه و خطابه، أو هو يحدثنا عن حلمه بمجتمع تنويري تحريري قائم على المساواة فيما هو يمارس نخوية، و يعجب إرادته في التفرد و التمايز”،فهذه حقيقة العلمانيين يتسترون خلف شعارات لتحقيق أهدافهم و مراميهم الشاذة و الدخيلة على المجتمعات الإسلامية، فهم فقط يرددون و يكررون اسطوانة الغربيين المشروخة في تنظيرهم و رؤاهم حول العلمانية و الحداثة و ما إلى ذلك، و لو أنهم اعملوا فكرهم و عقلهم – متجردين من كل الأفكار و الأيديولوجيات الغربية- في إبراز المعالم الحقيقية التي وصل إليها الغربيون من أخذهم بالمنهج التجريبي المعبر عن روح الحضارة الأوربية و تقدمها و ازدهارها في القسم المادي منها، فلو فعلوا ذلك لكفوا مؤونة عظيمة و خدمة جليلة لمجتمعاتنا، لكن عندما يصبح الهوى و المال هو المقود و الخريت فلا عجب حينئذ أن نشاهد هذا التجرد و التنكر لهوية المجتمع و ثقافته، كما صرح احدهم و هو سلامة موسى:” هذا هو مذهبي الذي اعمل له طول حياتي، سرا و جهرة، فانا كافر بالشرق مؤمن بالغرب، و في كل ما اكتب أحاول أن اغرس في ذهن القارئ تلك النزعات التي اتسمت بها أوروبا في العصر الحديث، و أن اجعل قرائي يولون وجوههم نحو الغرب و يتنصلون من الشرق”،فطرحهم إذن لا يتجاوز التقليد الأعمى للغرب، يقول العلماني علي حرب في :”كتابه الممنوع و الممتنع نقد الذات المفكرة” عن إخوانه العلمانيين: “المثقف العربي هو صنيعة الغرب بمعنى من المعاني” ،و يقول أيضا: “لذا فهو (أي العلماني) إذ يجابه الغرب مدافعا عن هويته، فانه يتحدث غالبا بلغة الغرب، و يستعير وجهه أو يضرب بيده؛ اعني: يستخدم أدواته، و لكنه لا يفيد في النهاية من هذا الغرب ما يبني به قوته و يفرض حقيقته و يصنع عالميته، و إنما يأخذ منه ما يعيد به إنتاج عزلته و هشاشته و ضيق افقه”.
فالعلماني حسب علي حرب صنيعة الغرب، و الحق ما شهدت به الأعداء، فلا يتجاوز الأمر إسهالا فكريا تتعدد مظاهره، فمن طرح الأفكار دون تفكير أو اكتراث إلى التشتيت في المواضيع ،و كأن العلمانيين مجبرون على هذا كما في حالة مرض الإسهال الحقيقي.
فهذا سعيد لكحل يتأسف على اعتبار الإفطار في رمضان جنحة ،و عدم فتح حانة قرب مسجد!!!و هذا الجزائري محمد أركون يعتبر أن: “كلمة إسلام هي كليا و بدون أي تردد أو حصر عبارة عن سلسلة من التركيبات المصطنعة، و التلاعبات و الاستخدامات الاستغلالية التي يقوم بها البشر (الإنسان) بصفتهم فاعلين حاسمين و شبه حصريين للتاريخ الأرضي المحسوس”؛ فهم دائما ما يرددون كلام أسيادهم من المستشرقين من أن القران الكريم ليس مصدرا إلهيا إنما صنعة بشرية، فيقول العلماني التونسي عبد الوهاب المؤدب: “نفهم كيف أن اليد البشرية تدخلت في فبركته و صنعه”،فهكذا ينزلون القران إلى ما انزل الغرب كتبهم من التوراة و الإنجيل اللذين نالتهما أيدي العبث و التحريف، بل و يعتبرون أن شرب الخمر و آكل لحم الخنزير شأن خاص لا دخل للإسلام فيه و كان الأمر مجرد شئ خفيف لا يتجاوز ذاتية الشخص و هواه، فيقول سيد القمني: “و من تعف نفسه شرب الخمر ا واكل الدم أو لحم الخنزير فلا يفرضها على غيره، فهي شؤون ذاتية تتعلق بالذوق الخاص جدا، و لا تلزم الآخرين بها”،فالقوم حقا انتكست فطرهم فالذي يطالع كتاباتهم يجد أنهم سبب تخلفنا الحضاري و المادي و العلمي و التكنولوجي و إن زعموا عكس ذلك؛لأنهم قذفوا في وعي الناس أن السبيل الوحيد لتدارك ما نحن عليه هو اقتفاء اثر روما؛ و بمجرد تنكب هذا الطريق فالتخلف حالنا دائما و أبدا !!و ما يقومون به من تطويع معاول الهدم لهويتنا حتى تستوي بالأرض للسير على منهاج العلمنة و الحداثة دون النهل من معين حضارتنا و الأخذ بأسباب النهوض من جديد هو طريقهم في ذلك؛ حتى لا تبشر تلك الحضارة العالم بعدالته الإنسانية الراقية، و لوقف كل الحضارات التي تتاجر بالإنسان و تلعب به و تروج له أكاذيبها البارعة فيها.
إن ما يقوم به العلمانيين من إسهال فكري لهو أمر شنيع الغاية، و يفتقد للعلمية و الموضوعية في التناول و الطرح لمختلف القضايا، لذا لزم كشف القناع عنهم حتى تتضح حقيقة ما يستندون إليه و يبشرون به.
إرسال تعليق