منذ أيام ندد الناطق الرسمي للمؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي عبده الجندي، باستمرار إخوان اليمن في عمليات الإقصاء وأخونة مؤسسات الدولة
مدخل:
منذ أيام ندد الناطق الرسمي للمؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي عبده الجندي، باستمرار إخوان اليمن في عمليات الإقصاء وأخونة مؤسسات الدولة رغم الانتكاسات التي يتعرض لها تنظيم الإخوان في مصر وليبيا وتونس، وقال: الإخوان يسقطون اليوم في كل مكان، وإخوان اليمن لم يستفيدوا مما يحدث ومستمرون في أخونة مؤسسات الدولة، مشيرا إلى القرارات التي أصدرها رئيس الحكومة محمد سالم باسندوة بتعيينات حزبية في عدد من محاكم الاستئناف ضمن مخطط متكامل لأخونة الجهاز القضائي، وكذا ممارسات محافظ عمران محمد حسين دماج الذي ما يزال ينتهج سياسة أخونة المواقع الإدارية رغم التهاب الأوضاع في المحافظة.
تصريحات القيادي بحزب المؤتمر جاءت متوافقة تماما مع بيان مشترك أصدره الحزبان الاشتراكي والناصري، وُجِّه إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي، استنكرا فيه مساعي حزب التجمع اليمني للإصلاح للسيطرة على مفاصل الدولة وإقصاء بقية الشركاء من التحالف المشترك.
النشأة والتاريخ:
الإخوان المسلمون في اليمن
أسس حسن البنا قسمًا خاصًّا أطلق عليه اسم “الاتصال بالعالم الإسلامي”، وبذلك أصبح للإخوان عمل منظم وامتداد خارجي، ودعم قضايا العالم العربي والإسلامي، واتخذ صورًا متعددة، منها استضافة قادة حركات الجهاد في الدول العربية والإسلامية بالمركز العام للإخوان المسلمين، وعمل القسم على الاهتمام بالطلاب الوافدين للدراسة في مصر على أن يكونوا نواة أفكار الجماعة بعد عودتهم لبلادهم، ويمكن القول: إن هؤلاء الوافدين كانوا هم نواة التنظيم الدولي للإخوان.
كان مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا، معجب بالشعب اليمني كشعب بلا سياسة أو جدال أو اهتمامات عصرية ويراه شعبا مؤهلا للتجربة الإخوانية فيقول: “اليمن أفضل من غيرها من البلاد العربية، ويمكن أن تكون منطلقا لدعوة إسلامية صادقة، بإنشاء دولة تحكم بما أنزل الله، وتستقطب زعماء وعلماء وعباقرة المسلمين“.
ورأى حسن البنا أن تأسيس كيان للإخوان باليمن منطلق لدعوتهم من هذه العوامل، هي
1- أن اليمن ـ المملكة المتوكلية اليمنية ـ مستقلة ولم تلوثها يد الاستعمار ولا تخضع لتوجيه أجنبي، وأن اليمن خالٍ من الأقليات الدينية ـ عدى بضعة آلاف من اليهود ـ والإسلام هو دين اليمنيين جميعًا، وأن نظام الحكم في اليمن يقوم على أساس الإسلام، فالحاكم والمحكوم في اليمن يتمسكان بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما لليمنيين من ماضٍ مجيد في نشر الدعوة الإسلامية وفتح البلدان أمام التوسع الإسلامي, والمكانة المرموقة لليمن (اليمانيين في الكتاب والسنة).
و كان البنا قد أرسل رسالة إلى الامام في 1946 يطلب منه إقامة حكومة إسلامية مسئولة يؤازرها مجلس شورى يمثل الشعب ولا ينتقص من سلطات الامام شئ -!- وأشاد بموقف الامام من رفض نصائح الأمريكان والفرنسيين بالاصلاح السياسي باعتبار موقف الامام حرص على العقيدة -!- ثم توسط بين الامام وبين الشباب الذين هربوا من اليمن إلى مصر بمطالب اصلاحية وقابلوا البنا.
كانت البداية حين تقابل البنا والمعارض اليمني عبد الله الشماخي في أثناء الحج وإتفقا على التعاون وبدأ البنا في فتح الباب لليمنيين المعارضين وطلاب اليمن بالازهر وسط تأكيد إخواني على أن حكم الامام يشوة الإسلام ولا يخدمه وأن الشعب اليمني مؤهل للحكم الإسلامي ووصل الامر لإستضافة البدر حفيد الامام يحيى في مقر الإخوان حين زار القاهرة للعلاج لحضور بعض الندوات وكان هذا بمساعدة جزائري معروف اسمه الفضيل الورتلاني الذي تولى تنظيم وتأهيل الشباب اليمني المعارض ثم العالم الاثري أحمد فخري والمصري صاحب شركة اتوبيسات الشرقية محمد سالم وسافر الورتلاني لليمن كمندوب لشركة الاتوبيسات بوساطة من البدر لتأسيس شركة هناك وكان الهدف العمل من الداخل للثورة على الامام يحي وقلب نظام الحكم فقد عمل الإخوان فيالظاهر مع الامام يحي ثم يجهزوا لانقلاب عليه.
ولكن قبل لقاء حسن البنا بالمعارضة اليمنية في الحج كان هناك استقطاب لطلاب اليمن بالقاهرة، ففي عام 1937، حين جاء إلى القاهرة من اليمن، الطالبان، أحمد محمد النعمان، ومحمد محمود الزبيرى، التحق النعمان بالدراسة في جامعة الأزهر، أما الزبيرى فتوجه إلى كلية دار العلوم، والتقى الاثنان في القاهرة بعض الشخصيات اليمنية الرافضة للأوضاع السائدة تحت حكم الإمام، وكان من هؤلاء الضباط محيى الدين العنسى، وكان ضمن بعثة عسكرية يمنية تتلقى دورة تدريبية في العراق وعندما انتهت الدورة، جاء إلى القاهرة بدلاً من العودة إلى صنعاء، وزامله في هذا الاختبار ضباط آخرون منهم سلام فارع ولقمان، والجفرى، والتقى الكل وبعد مداولات ومناقشات قرروا تشكيل تنظيم يجمعهم اسمه «كتيبة الشباب اليمنى»، هدفه نشر أفكار الإصلاح، ونشر القضية على نطاق واسع، كان ذلك عام 1939، في أوج نشاط جماعة الإخوان، وتمددها في كل أرجاء مصر، والسؤال.. ومعها بدأ اتصال بطريقة أو وأخرى والتقوا الطلاب اليميين بمؤسس الإخوان.
فتعرفا النعمان والزبيرى، بحسن البنا بعد مجيئهما إلى القاهرة، وتعمقت العلاقة لاهتمام البنا بهما كثيرًا، وهو الاهتمام الذي انتهى بانضمامهما إلى الجماعة، والعمل تحت لوائها ومعهما يمنيون آخرون، ويقول على نصا العنسى الثائر اليمنى: «كنا ندرس في الأزهر وبدأنا الاتصال بالإخوان المسلمين، ومنهم حسن البنا الذي كان يرى أن اليمن أنسب البلاد التي لها مناخ مناسب للإخوان، وأخذ يهتم بنا اهتمامًا خاصًا»، ويضيف العنسى: «فى هذه اللقاءات كان الإخوان يقولون إنهم مقتنعون بأن الحكم في اليمن، لا يمثل الإسلام، بل يشوهه، ولهذا فالإخوان ضده».
وفي عام 1938 عندما شارك وفد يمنى برئاسة سيف الإسلام عبدالله ابن الإمام يحيى في المؤتمر البرلمانى العالمى لمناقشة قضية فلسطين، لجأ الوفد إلى حسن البنا لترشيح سكرتير خاص للوفد اليمنى، فاختار البنا لهذه المهمة محمود أبوالسعود صديق البنا وعضو الإخوان، ورافق الوفد إلى لندن وباريس.
هذا الامتداد في العلاقة الذي شمل رأس النظام، لم يقلل الامتداد إلى التشكيلات التي سعى إلى تكوينها حسن البنا في اليمن، وبالعودة إلى الأصل وبالتحديد إلى الزبيرى والنعمان سنجد تواصل المسار الذي بدأ في القاهرة بتكوين تنظيم أو جماعة «كتيبة الشباب الدينى»، فبعد هذه الخطوة، عاد الزبيرى والنعمان إلى صنعاء وبناء على نصيحة البنا شكلا جماعة «شباب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر»، وبدأ الاثنان في نشر برنامج الجماعة في المساجد، مما أغضب الإمام يحيى، فأمر بإيداع الزبيرى في السجن، وظل به 4 شهور، خرج بعدها ليقرر هو والنعمان السفر إلى عدن المحتلة من الإنجليز، واتخذ منها قاعدة، وانضم إليهما الكثيرون من اليمنيين، وكونوا جماعة «اليمنيين الأحرار» أو «حزب الأحرار»، ولأن الاحتلال الإنجليزى كان يمنع قيام الأحزاب، تم تغيير الاسم إلى «الجمعية اليمنية الكبرى» 1946 وأصدرت الجمعية جريدة «صوت اليمن كلسان حال لها، ومع تواصل نشاط الجمعية والجريدة وقعت مفاجأة كبرى، تمثلت في انضمام أحد أبناء الإمام يحيى، وهو سيف الإسلام إبراهيم «إلى الجمعية اليمانية الكبرى»، أي أن أحد أبناء الإمام أصبح معارضا لأبيه، وجرد الأب الابن من لقب «سيف الإسلام»، فأطلقت الجمعية عليه اسم «سيف الحق إبراهيم“.
يقول محمود عبد الحليم, المؤرخ المعتمد للجماعة “أستطيع أن أقرر أن فكرة إعداد الشعب اليمني للثورة قد نبتت في المركز العام للإخوان”، ويقول أحد الباحثين في حركة المعارضة اليمنية” ومن خلال الطلاب اليمنيين تحققت علاقة الأخوان بحركة المعارضة اليمنية، وترجع بداية هذه العلاقة إلى أواخر الثلاثينيات وقد التقى حسن البنا في أحد مواسم الحج بالمعارض اليمني «عبد الله الشماحي»، وتلازما طوال رحلة الحج في مكة والمدينة، واتفقا على التعاون بين الإخوان والمنظمات الدينية في اليمن، ووعده البنا بمساعدة الإخوان للعمل الوطني في اليمن“.
ومعها بدأت الانطلاقة الكبري لفكر حسن البنا لليمن التي كان يعتبرها الدولة الأكثر ملائمة لتكوين دولته، ففي موسم الحج عام 1946، التقى حسن البنا بالقاضى عبدالله الشماخى، المعارض اليمنى، وكان مبعوثا من قياديين في المعارضة أيضاً، هما أحمد المطاع وعبدالله الوزير، وإليه نقل الشماخى الصورة البائسة لليمن، وطلب من البنا فتح أبواب الجماعة للشباب اليمنى الذي يأتى إلى القاهرة بغرض الدراسة، وإرسال مدرسين مصريين ينتمون إلى الإخوان في بعثات لليمن، وكان من هؤلاء الدكتور مصطفى الشكعة – عميد كلية الآداب بجامعة يعن شمس – فيما بعد.. والذي أشرف على الإذاعة في صنعاء عقب قيام ثورة 1948، ومقتل الإمام يحيى، وبلغت ذروة تحرك البنا، بإرساله الفضيل الورتلانى إلى اليمن، والورتلانى جزائرى الجنسية أنضم إلى الإخوان، وحدد البنا مهمته في اليمن في التنسيق بين المعارضة اليمنية في الداخل والخارج.
الخصائص الفكرية للحركة الإخوانية في اليمن: