ريحانة برس – أحمد زعيم
يعاني إقليم الفقيه بن صالح منذ سنوات حالة من البؤس وتردي الأوضاع إلاقتصادية والاجتماعية والسياسية والرياضية… نتيجة احتكار المناصب أو توريثها من اجل مراكمة الثروات والاغتناء الفاحش عبر التسيير العشوائي والإرتجالي والسطو على الأراضي المخزنية والسلالية أو تفويتها للشركات الخاصة ولوبيات العقار ومافيات الضيعات الفلاحية التي استنزفت المياه السطحية والجوفية بطرق ملتوية.
حتى استفحلت ظاهرة تبديد المال العام وانتشرت بشانها اصداء عمومية تشير إلى وجود اختلاسات مثيرة للجدل ببعض الجماعات الترابية بالإقليم، وكذا التلاعب في الصفقات العمومية والدراسات وعدم تنزيل البرامج والمشاريع التنموية التي بقيت حبرا على ورق أو معلقة أو متوقفة، عبارة عن أطلال تطوف حولها الساكنة.
في حين تحولت الأراضي الفلاحية والأملاك المخزنية والسلالية الى مشاريع خاصة وتجزئات سكنية تجارية استنبتت كالفطر، على حساب الساكنة التي تدفع كلفة الفساد السياسي المتجدر ، العديد منهم سيطبق عليه قانون نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، لأن الجماعة الترابية أصبحت بدون وعاء عقاري لجلب الاستثمارات لتحريك الاقتصاد، وتنزيل المشاريع التنموية، علما أن غالبية المشاريع المتعثرة أو المتوقفة بالفقيه بن صالح مازالت بالمحاكم ولم تسلك مسطرة نزع الملكية للعقارات من أجل المنفعة العامة… وتعويض أصحابها الذي سيكلف الجماعة ملايين الدراهم، واستخلاص مبالغ اخرى صادرة عن المحكمة التجارية.
ويستخلص من هذه الوضعيات بانه رغم المتابعات القضائية والاعتقالات والعزل التي تمت بناء على تقارير المجلس الأعلى للحسابات ومفتشي الإدارة الترابية، مازال تغول الفساد المالي والإداري منتشرا ومتجدرا في العقول والاذهان، وتربت أجيال خلال هذه السنوات الطويلة على الصمت والعزوف الإنتخابي والانخراط والتطبيع مع الفساد والفوضى، والبطالة، وسياسة (كُول أو وَكل)، والهجرة الداخلية والخارجية… و خير دليل احصاء السكان ( تراجع عدد سكان إقليم الفقيه بن صالح من حوالي: 503 ألفا نسمة سنة: 2014 إلى حوالي 476 ألفا نسمة سنة: 2024)، الأمر الذي أضر بالساكنة، وبعاصمة الإقليم والمناطق التابعة لها.
على سبيل التمثيل لا الحصر ما يعانيه الآباء والأمهات والأطفال والمسنون أثناء عبورهم لأهم الشوارع والأزقة والساحات والأحياء… فرغم تعالي الأصوات عبر مواقع التواصل الإجتماعي حول تحرير الملك العمومي المحتل لتأمين أبسط حقوق المارة والراجلين؛ ما زالت مدينة الفقيه بن صالح تعيش على الطابع القروي بإسم”مدينة”، تعمها الفوضى والتسيب في كل مكان، والتي ينبغي أن تشكل الصورة النموذج في التنظيم والتدبير والنماء لباقي الجماعات. فيكفي فقط أن يلقي الزائر للمدينة نظرة خاطفة على أهم شوارعها وأزقتها وساحاتها ليُصدم بالواقع المأساوي الذي يعاني منه المواطنون؟
فحتى الحق في حركة السير والجولان صار مطلبا مستعصيا… المواطن بالفقيه بن صالح أضحى محاصرا ومضايقا أثناء التحرك بالمدينة، ومهددا في صحته، بل وحياته وهو ينوي أن يتنقل من مكان لآخر، بسبب غياب ممرات الراجلين واحتلال الأملاك والأرصفة العمومية باللوحات الاشهارية وعلامات التشوير الخاصة بالمحلات التجارية العشوائية التي تلوكها الالسن في المحالس الخاصة والتي تتحدث عن كون عدد من المحلات التجارية العشوائية تُشهر رخصا معلقة بالجدران لإيهام السلطات بأنها قانونية، ولكن لا وجود لها بمنصة الجماعة من اجل استخلاص الرسوم الجبائية؟!… هذا بالإضافة إلى انتشار ظاهرة الباعة الجائلين الذين يبحثون عن لقمة العيش في ظروف غلاء أسعار المواد الغذائية وفواتير الماء والكهرباء.
في ظل تغول الفساد الإداري والمالي والسياسي والاقتصادي الذي أصبح يسبب احتقانا اجتماعيا خطيرا، يتم طرح عظة تساؤلات ابرزها: هل باتت السلطات المحلية والمجالس المنتخبة عاجزة عن إيجاد الحلول الجدرية لأبسط الملفات العالقة منذ سنوات كظاهرة إحتلال الملك العمومي تفاديا للاحتكاكات مع المواطنين وتجنبا للإحتقان الإجتماعي؟ وترديد اسطوانة الإلقاء باللوم على المجالس السابقة، ونهج سياسة “الإسقاط” هروبا من مسؤولياتها نظير ما جرى وما يجري؟
إرسال تعليق