أوراق “ريحانة برس”استوردنا القاسم الانتخابي للبلقنة الحزبية – فهل نستورد معه ديمقراطية الغرب؟” (ج 4)
ريحانة برس – محمد عبيد
سيُقْبَرُ اعتماد العتبة لفرز الاصوات والفائزين في جميع الإستحقاقات في هذه المحطة الانتخابية 2021، وسيعوضها القاسم الانتخابي… العملية التي ستكون على اساس انه بالنسبة للجماعية يستخرج القاسم الإنتخابي بقسمة عدد المصوتين على عدد المقاعد وبالنسبة للتشريعية بقسمة عدد المسجلين على عدد المقاعد.
ومن هنا ندخل مرحلة البلقنة الحزبية، باستيراد هذه العملية الجديدة “القاسم الانتخابي” لتجريب نوع اخر من الديمقراطية التي تعشعش في الدول الغربية اذا علمنا ان،
ظاهرة “البلقنة الحزبية” تشكل للمشهد الانتخابي والتمثيلي في الديمقراطيات الغربية، واحدة من أخطر الظواهر على مستقبل النظام التمثيلي فيه، وعلى الاستقرار السياسي والتداول السلس على السلطة بين القوى، بل وعلى طبيعة البرامج السياسية المطبقة ومدى الانسجام الداخلي فيها، وهو شرط لفاعليتها وشرعية تمثيل قواها.
لزمن طويل، بُني النظام التمثيلي على مبدأ الحق في التنافس على كسب الرأي العام وثقة القسم الأعظم منه قصد حيازة السلطة برضى الأغلبية الناخبة، وتطبيق سياسات معلنة (في البرامج الانتخابية) لتنمية الأوضاع الاجتماعية وتعظيم المصالح.
ولقد كان من مقتضيات هذا التمثيل أن يعبر عن حقيقتين متلازمتين:
أن يكون تمثيلاً اجتماعياً حقيقياً لقوى وطبقات وفئات وشرائح ذات مصالح مادية تحتاج إلى الدفاع عنها أو إلى تعظيمها، أو إلى تحصيلها فتمنح ثقتها للقوى السياسية الحاملة مشروع المنافحة عن تلك المصالح، وتمحضها التأييد وتقترع لها كي تنقل مشروعها ذاك إلى حيز التحقيق السياسي، عبر أجهزة الدولة، بما هو مشروع يمثلها ويترجم مطالبها، ثم أن تنهض القوى السياسية المتنافسة على تمثيل المجتمع بمهمة صوغ مشروعها السياسي في برامج عمل قابلة للتحقيق المادي، وقادرة على مخاطبة مصالح الفئات التي تتوجه إليها.
وليس خافياً أن صوغ هذه البرامج يكون مسبوقاً برؤية متكاملة للنظام الاجتماعي والسياسي تلحظ الحاجات الموضوعية والمطالب المشروعة، مثلما تلحظ ممكنات التحقيق، على النحو الذي تكون فيه البرامج منسجمة مع ذاتها ومنطلقاتها.
فها هو النظام التمثيلي في الديمقراطيات الغربية، يدخل إذن طور أزمة جديدة عنوانها، هذه المرة، الحزبية المشتتة التي تتولد منها بنية تمثيلية فسيفسائية تجعل تكوين السلطة منها خاضعاً لعمليات قيصرية: تحالفات ضد الطبيعة ترتق الفتوق (التي لا ترتق) بين المختلفين مشرباً ومذهباً.
فعلى المستوى الوطني، لم يقتصر نقاش “اعتماد قاسم انتخابي جديد” على تقاطبات الأحزاب والفرق البرلمانية فقط، فعلى امتداد الأسابيع القليلة الماضية احتد سجال جماعي بين مختلف التنظيمات السياسية، بما فيها تلك المقاطعة للاقتراعات.
وفي وقت رحبت أغلب الأحزاب الممثلة بالخطوة التي اعتمدتها وزارة الداخلية، لم يقبل حزب العدالة والتنمية، ومعه متتبعون عن “المقاطعين”، المستجد الذي يعتبرون أنه “لن يمثل أصوات الناخبين بالشكل المثالي”.
وجاء في التعديلات الجديدة للقاسم الانتخابي: “توزع المقاعد على اللوائح بواسطة قاسم انتخابي يستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين بالدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها”.
ومن تم تتوزع المقاعد الباقية حسب قاعدة “أكبر البقايا”، وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور.
(يتبع)