هل يعود حزب البعث للسلطة في العراق عبر “العبادي”؟

  • بتاريخ : 23 أغسطس، 2014 - 16:16
  • فيما يبدو أن العراق مقبل علي تغيرات كبيرة في الأوضاع السياسية، وتعامل الشركاء السياسيون بطريقة أخرى لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية المعروفة بـ”داعش”،

    فيما يبدو أن العراق مقبل علي تغيرات كبيرة في الأوضاع السياسية، وتعامل الشركاء السياسيون بطريقة أخرى لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية المعروفة بـ”داعش”، وأولى هذه التغيرات مطالب وتكهنات بعودة أعضاء حزب البعث المنحل إلى الحياة السياسية مرة أخرى، والمشاركة في السلطة، بالإضافة إلى وجود رسائل بعشائر سنية مع رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي من أجل مواجهة “داعش“.

    الهاشمي بطالب بعودة حزب البعث

    طارق الهاشمي

    فقد قال طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي السابق: إن حزب البعث يجب أن يكون له دور في التوصل لحل سياسي في العراق، وحذر من أن الضربات الجوية الأمريكية لن تجدي نفعا لإنهاء العنف في العراق المهدد بالتقسيم، كما يراه.

    وأكد الهاشمي في مقابلة مع رويترز أن اجتثاث البعث بعد الغزو الأمريكي عام  2003، والذي أطاح بالرئيس الراحل صدام حسين تسبب في فقدان العراق مهنيين مدربين جيدا يحتاجهم الآن بشدة، وقال: إن إعادتهم إلى العملية السياسية أمر حيوي.

    وأضاف قائلا عن أعضاء الحزب الحاكم السابق المحظور حاليا “إنهم مؤثرون سياسيا، بل ولديهم جماعات مسلحة على الأرض، إنهم نشطون جدا“.

    ورأى الهاشمي- المقيم حاليا في تركيا- أنه “توجد طريقة واحدة فقط لاحتوائهم بدعوتهم إلى الجلوس للمائدة المستديرة؛ ليكونوا شريكا في إحياء العملية السياسية في صياغة رؤية مقبولة للمستقبل“.

    ودعا المجتمع الدولي إلى المساعدة تحت رعاية الأمم المتحدة في الإشراف على إحياء عملية سياسية بالعراق، بدلا من التركيز ببساطة على التهديد من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، وهي إستراتيجية قال: إنها لن تحقق استقرارا على المدى البعيد.

    واعتبر الهاشمي أن تعيين حيدر العبادي في منصب رئاسة الوزراء “خطوة في الاتجاه الصحيح”، لكنه قال إنها ليست كافية، ودعا العبادي إذا أراد أن يبعث برسائل إيجابية إلى السنة إلى أن “يضع فورا نهاية للعدوان العسكري الذي بدأه نوري المالكي”، مثل الضربات الجوية للفلوجة غربي بغداد، والتي قال إنها تقتل مدنيين أبرياء من السنة.

    أمريكا واتصال مع حزب البعث

    اوباما والتواصل مع حزب البعث

    كشفت وثيقة استخباراتية أردنية النقاب عن أن أفضل طريقة يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تنشر من خلالها الاستقرار في العراق- تكون عبر فتح قنوات اتصال مع مسئولين من حزب البعث المحظور الخاص بالرئيس السابق صدام حسين.

    وأوردت وكالة “وورلد نيت دايلي” الإخبارية الأمريكية، وثيقة استخباراتية أردنية بتوصية لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تتضمن خطة وضعها المسئولون الأردنيون لعرضها على الولايات المتحدة، وهي الخطة التي لا توصي فحسب بتوسيع نطاق الهجمات الجوية الأمريكية، وإنما أيضاً بفتح قنوات اتصال مع مسئولي حزب البعث.

    وحددت الوثيقة عزة إبراهيم الدوري، نائب الرئيس الراحل صدام حسين وقائد  جيش الطريقة النقشبندية البعثية، باعتباره من القوى التي قد تساعد في مقاتلة العناصر المسلحة التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية وفي استرداد قدر من الاستقرار إلى العراق.

    وجاءت تلك الوصية التي وردت بالوثيقة رغم ما يقال عن أن هذا الجيش الذي يقوده الدوري يقاتل جنباً إلى جنب مع الدولة الإسلامية منذ الشهر الماضي على الأقل. وما زال الدوري يواصل هروبه منذ العام 2003 رغم تحديد جائزة قيمتها 10 ملايين دولار أمريكي لمن يساعد في إلقاء القبض عليه.

    البعث يفاوض لدخول الحكومة

    عزة الدوري

    رغم أن حزب البعث حتي يعتبر من الأحزاب المحظورة في الحياة السياسية العراقية، إلا أن الأوضاع على الأرض فرضت ضرورة تواجد البعث للقضاء على “داعش“.

    ويفاوض حزب “البعث” العراقي مع البرلمان بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، بحسب النائب في “ائتلاف دولة القانون”، عالية نصيف. وقد أكدت في مقابلة تلفزيونية، أن رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري تسلّم ورقة تفاوضية تحمل توقيع قائد “البعث”، عزة الدوري، والقيادي في الحراك الشعبي في المحافظات السنية، طه الحمدون، تتضمن عدداً من المطالب للمشاركة في الحكومة الجديدة، أبرزها تمهيد الطريق لإعلان “الإقليم السني“.

    وانتاب الحكومة المنتهية ولايتها، القلق بعد ورود تسريبات تفيد بترشيح وزير الدفاع إبان الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، الفريق أول ركن سلطان هاشم أحمد، لوزارة الدفاع بعد إطلاق سراحه في عفو قريب من المفترض أن يقره البرلمان العراقي.

    التسريبات الإعلامية تفيد بترشيح وزير دفاع صدام حسين، لوزارة الدفاع بعد إطلاق سراحه في عفو قريب من المفترض أن يقرّه البرلمان العراقي.

    وكشفت التقارير الإعلامية عن ضغوط أمريكية تُمارس على رئيس الحكومة المكلّف، حيدر العبادي، لإسناد وزارة الدفاع لشخصية سنية تمتلك خبرة ميدانية، حتى وإن كانت من أركان النظام السابق. وهذا ما دفع السلطات العراقية للمطالبة بالإسراع بإعدام قيادات النظام العراقي السابق المحجوزين لديها.

    تركة المالكي

    نوري المالكي

    وصلت العلاقات بين رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي والسنة إلى حد القطيعة التامة وهو ما مهد الأرضية لتغلغل “داعش” في البيئة السنية الناقمة على الحكومة.

    ويقول منتقدون للمالكي: إن النهج الطائفي الذي اتبعه في إدارة البلاد دفع بالكثيرين من السنة للقتال في صفوف “داعش” رغم الاختلاف الأيديولوجي الواضح بين الطرفين، إلا أن هدفا واحدا جمعهما وهو معاداة حكومة بغداد.

    ويبدو أن أي انتصار كبير على “داعش” سيكون بعيد المنال إذا لم تتمكن بغداد من استعادة ثقة السنة وتأليب الحاضنة الاجتماعية ضد المتشددين.

    ولطالما طالب السنة بإلغاء قانون المساءلة والعدالة أو اجتثاث البعث وقانون الارهاب وبعض القوانين الأخرى التي يصفونها بالجائرة.

    ورغم اعتراف حكومة المالكي بأحقية تلك المطالب وإرساله وفود التفاوض وإعلانه الاستجابة لها، إلا أن السنة يقولون: إن إصلاحاته كانت جوفاء.

    ورهن الكثير من السنة مشاركتهم في حكومة العبادي ومعركة طرد داعش بإلغاء القوانين التي يقولون، إنها تستهدفهم على نحو غير عادل.

    وبمجرد إعلان المالكي تنحيه عن سدة الحكم والتخلي عن مساعي شغل منصبه لدورة ثالثة وجد السنة وكذلك الأطراف الأخرى الشريكة في بغداد سبيلا للتخلص معا من (داعش) الذي بات يؤرق الغرب أيضا.

    وقال علي حاتم زعيم إحدى عشائر السنة في العراق وأحد أبرز من أشعل الانتفاضة السنية شمال العراق، إنه مستعد للعمل مع رئيس الوزراء الجديد في حالة احترام حقوق السنة.

    وأضاف علي حماد شيخ عشيرة المحامدة في الأنبار: إن “عشائر الأنبار ترحب بالعبادي رئيسا للوزراء. ومتفائلون به لكن بحذر”،  مضيفا أن “على العبادي أن يبين حسن نيته تجاه الأنبار، وأن يلبي مطالبهم، وأن يقف معهم لمحاكمة المالكي الذي قتل العباد ودمر البلاد“.

    وأوضح “حماد”: “إذا حوكم المالكي أمام الملأ فإن العراقيين سيثقون حينها بحكومتهم والجميع سيقف معها“.

    وكان سكان الأنبار ومحافظات أخرى ذات أكثرية سنية قد نظموا احتجاجات على مدى أشهر طويلة فضت قوات المالكي بعضها بصورة دموية في الأنبار وكركوك.

    وقال زعيم إحدى أقوى العشائر السنية في العراق إنه مستعد للعمل مع رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي؛ بشرط حماية حقوق الأقلية السنية التي همشها سلفه المالكي.

    وفي كلمة نقلها التلفزيون قال علي الحاتم سليمان زعيم عشيرة الدليم التي تهيمن على محافظة الأنبار معقل السنة في العراق: إن قرار قتال تنظيم الدولة الإسلامية الذي يمثل خطرا كبيرا على أمن العراق سيتخذ في وقت لاحق.

    مسئولية العبادي 

    العبادي

     

    ينظر إلى العبادي على أنه شيعي معتدل ولديه فرصة جيدة لتحسين العلاقات مع السنة. لكنه يواجه تحديا يتمثل في إيقاف تقدم مسلحي الدولة الإسلامية الذين اجتاحوا مناطق كبيرة من العراق، كما أنه يواجه تحدي إمكانية امتلاكه للقدرة على التصرف باستقلالية طائفية، حتى ولو أغضب بعض الطيف الشيعي بقرارته لرفع الحيف عن سنة العراق.

    ولم يتبوأ العبادي منصباً في ظل حكومة رفيقيه إبراهيم الجعفري (2005- 2006) ونوري المالكي (2006- 2014)، وظل عمله في البرلمان العراقية وفي لجانه المختصة، وظل خلال تلك الفترة مدافعاً عن رئيس الوزراء نوري المالكي، لكن بعد الانتخابات الأخيرة، والتداعيات الكبرى التي حصلت؛ من السيطرة على الموصل وحوادث المنطقة الغربية والتصعيد مع إقليم كردستان العراق- لم يظهر العبادي إلى صف المالكي، وهذا ما يؤشر إلى بدايات افتراق توجت بقبوله منصب رئاسة الوزراء، ويثير غضب المالكي عليه. وكأنها جاءت طعنة نجلاء لم يكن المالكي يحسب حسابها.

    ويرى محللون يعتبرون أن العبادي محكوم في النهاية بسياسة حزبه حزب الدعوة الذي يرجع إليه المالكي نفسه، كما هو محكوم بمواقف الأحزاب الشيعية الأخرى التي لم تبد طوال المدة التي هيمنت فيها على العراق أية دلائل على أنها مستعدة لتجاوز العقدة الطائفية والمظلومية، التي تشعر بها وتقود عموم الشيعة لاتباعها في الشعور بها، تجاه السنة بغض النظر عن صدقيتها من عدمها، وبالتالي فهو محكوم بدرجة استعداد طائفته المهيمنة لإعادة نظر جذرية في مواقفها من قضية المواطنة والعلاقة بالمرجعية وبالولاء لإيران قبل العراق في أحيان كثيرة، وغيرها من المعضلات التي لن يكون هناك حل لمشاكل العراق دون حلّها، على حد تقديرهم.

    حزب البعث

    المشهد الآن، أصبح يتجلى في وجود مفاوضات ورسائل وربما صفقات أوشكت على الانتهاء؛ من أجل عودة حزب البعث المنحل إلى السلطة مرة أخرى؛ من أجل القضاء على “داعش” عقب أكثر من 10 سنوات من حظر الحزب وسقوط حكم صدام حسين.