الحزم مطلوب اليوم وليس غدا

  • الكاتب : لحسن الجيت، مقال رأي يلزم صاحبه فقط ولا يعكس الخط التحريري للموقع
  • بتاريخ : 25 أبريل، 2025 - 08:36
  • لحسن الجيت

    القضية الفلسطينية لم تعد سوى معولا يراد به هدم وتدمير ما بناه المغرب على مدى ربع قرن من الزمن في مختلف المجالات التي تشهد اليوم عن حكمة وتبصر جلالة الملك الذي أبى إلا أن يجعل من هذا البلد الأمين نموذجا لتنمية شاملة متعددة الأبعاد. وما حققه المغرب من تقدم وازدهار قد خلف انتكاسة للمناوئين سواء من الداخل الذين يتوجسون من أي تقدم يحرزه المغرب ويرونه محبطا لهم ولمشاريعهم السياسية التي راهنوا فيها على أن يقدموا في يوم غير معلوم أنفسهم كبديل أو كمنقذين، أو سواء من بعض دول المنطقة العربية التي لا تنظر بعين الرضى لتموقع المغرب في خارطة السياسة العالمية كنقطة ارتكاز ، وهي في ذلك نعتقد أي تلك الدول أن هذا التحول سيؤثر على ما هي عليه من دور تراه محوريا وبالتالي تخشى أن يفضي إلى تهميشها.

    ومن هنا وجب علينا أن نفهم اللعبة القذرة التي تحاك اليوم ضد المغرب ظاهرها استخدام الورقة الفلسطينية، فيما الهدف منها بالأساس ليس على الإطلاق مناصرة الفلسطينيين بقدر ما هو ضرب للمصالح الاستراتيجية والمرافق الحيوية لاقتصاد المملكة.

    السيناريوهات التي آلت إليها الحركات الاحتجاجية في بلادنا تحمل على الاعتقاد بوجود نوع من التواطؤ كي لا نقول تنسيقا مفضوحا بين ما هو داخلي وبين ما هو خارجي لزعزعة استقرار وأمن البلاد. فليس من باب الصدفة أن تتقاطع أجندة المناوئين للعلاقات المغربية الإسرائيلية ودعواتهم المتكررة إلى وقف ما يسمونه بالتطبيع مع أجندة النظام الجزائري الذي يشن حملة شرسة ضد المغرب واتهامه باستهداف الجزائر من خلال الاتيان بإسرائيل على حدود الجارة الشرقية.

    الغريب في الأمر أن بعض القياديين اليساريين في بلادنا يتبنون هذا الطرح الجزائري المغلوط نكاية في بلدهم، كما أعلنت عن ذلك في وقت سابق نبيلة منيب. هذه الانزلاقات خطيرة وأحطر منها خرجات ويحمان وعزيز غالي اللذان تجاوزا الخطوط الحمراء التي لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية ليمعنا بالطعن في مقدسات البلاد . لقد جاءت لحظة الحسم وإبداء الحزم والصرامة في حق هؤلاء الخارجين عن القانون.

    المحتجون الذين احتلوا شوارع الرباط وغيرها، أسقطوا كل الأقنعة وأبانوا فورا عن حقيقة نواياهم ومخططاتهم. وأن الذي كان يهيأ له أنها خرجات تضامنية مع الفلسطينيين وقف على حقيقة بعد أن مر المحتجون إلى السرعة القصوى وبدأوا يهاجمون رجالات الدولة الذين خدموا هذا الوطن من خلال تسخير ما لهم من رصيد على نطاق العلاقات الشخصية مع المؤثرين والفاعلين في المنتظم والملتقيات العالمية. المستشار أندري أزولاي، الوطني القح، كانت له أيادي بيضاء وكان يشتغل بصمت الحكماء لخدمة بلده. ومهما حاول الغوغائيون فلن تنجب أرحام أمهاتهم مثل طينة هذا الرجل. فالتهجم عليه هو نوع من القذارة وهو عنوان للخبث الذي يضمره هؤلاء للدولة المغربية ويشكل ذلك منحدرا خطيرا وجب الانتباه إليه وعدم السكوت عنه.

    التصعيد لم يتوقف عند هذا الحد بل انتقل المتظاهرون من مرحلة الاحتجاج إلى مرحلة التخريب والتدمير من خلال ضرب المرافق الاقتصادية ذات البعد الاستراتيجي والتي فتحت آفاقا رحبة للمغرب في علاقاته التجارية وجعلت منه معبرا عالميا لا يمكن الاستغناء عنه. المخربون الذين قيل عنهم أنهم يناصرون القضية الفلسطينية، حملوا عدتهم من الغيض والكيد فاتجهوا صوب ميناء طنجة المتوسط ، المعلمة البحرية المعترف بها عالميا، في محاولة لاقتحامها مهددين بذلك الشركات العالمية التي أقامت فروعا لها في هذه المعلمة.

    التهديد من هذا النوع الخطير من شأنه أن يضر بمصالح البلاد وهذا ما كان ومازال يتطلع إليه النظام الجزائري والذي لم يكن راضيا من الأصل على إقامة هذا الميناء لانعكاساته الخطيرة على تجارة الجزائر، ولا هو غير قادر على أن يتسنى له بناء سرح مماثل في غياب موقع جغرافي كما هو متيسر للمغرب. ولم يدع النظام الجزائري فرصة هؤلاء المحتجين لتمر حتى سارع عبر أبواقه إلى تحريضهم بعدم الاكتفاء بالتوجه إلى الموانئ بل إلى استهداف مؤسسات الدولة في عملية تصعيد نوعية وخطيرة.

    هذه الحركات الاحتجاجية اليوم باتت مادة دسمة للاستغلال فض من قبل النظام الجزائري وفرصة للتحريض ضد الدولة المغربية. وأن الاستمرار في هتلك الاحتجاجات و في سياق موبوء وملغوم قد يحمل على الاعتقاد بأن هناك أمرا ما يدبر بتنزيل أجندة خارجية باستخدام عناصر وأدوات مغربية. وعدم الانتباه إلى المخطط والإصرار على المضي فيه قد يدخل في باب التواطؤ والخيانة.

    الإسلامويون والقومجيون وشلة من جماعة اليساريين جميعهم أمام لحظة مصيرية إما أن نكون مع الوطن وإما أن نكون ضده. فلا توجد منزلة بين المنزلتين. عليهم أن يعلموا جيدا أن المغرب لا شيء يثنيه عن خياراته الاستراتيجية التي أبانت عن مردوديتها في إعطاء الإشعاع لهذه المملكة. وأن النظرة الثاقبة والمتبصرة للقيادة الرشيدة لجلالة الملك تبطل مفعول كل الحسابات الضيقة لجماعة منغلقة لا تدري عن نفسها شيئا ولا عن مكان وجودها.

    وهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. الدولة المغربية قدمت أكثر من غيرها ما يلزم للقضية الفلسطينية ولا مجال للمزايدة عليها من قبل أولئك الذي يقولون ما لا يفعلون. الدولة قدمت الدعم الحقيقي مباشرة للشعب الفلسطيني . أما الإخونجيون عندنا فهم يساندون أخونجيي غزة والشعب الفلسطيني بالنسبة لهم يبقى رقما مجهولا لا يدخل في أجندة اهتماماتهم.